الامبراطور قسطنطين فأحسن الى الكنيسة ومنحها الحرية ثم تمسح هو نفسه.
تعززت الكنيسة بهذا الناصر العظيم. ولكنها انتقلت من الاضطهادات الخارجية إلى الفتن الداخلية، اذ حدث بين رجالها اضطرابات أفضت الى انقسامها على حزبين متنافسين متباغضين.
وذلك ان من المسيحيين من لم يتحمل الاضطهادات وارتد عن دينه. ومن بين المرتدين بعض الاساقفة. وفي عصر ديوقلطيانس طلبت منهم الحكومة تسليم الكتب المقدسة. فخشي كثير من الاساقفة أن يقتلوا فشحوا بأنفسهم وجادوا بدينهم وكتبه. ومنهم بنوميديا أساقفة قرطة وتجيست (عين البرج جنوب قسنطينة) ومصكولة (خنشلة) وقالمة.
في سنة (٣٠٥) مات اسقف قرطة بولوس. فاجتمع الاساقفة للنظر فيمن يخلفه فكان سلفانوس. وهو من المتهمين بتسليم الكتب المقدسة. فلم يرضه كثير. وأخذ الخلاف يتسع بين المسيحيين ويشتد من ذلك الحين.
وفي سنة (٣١١) مات اسقف قرطاجنة فاجتمعوا للنظر فيمن يخلفه فكان سيسليان. ولم يرضه كثير من الاساقفة. وأخذت الدعاية تتمشى ضده، حتى بلغ عدد أضداده من الاساقفة سبعين يرأسهم سوغندوس إلى أسقف تجيست.
ثم اجتمع هؤلاء الاساقفة وطلبوا من سيسليان المثول أمامهم لاتهامهم له بانه من المقصرين في جانب شهداء الاضطهادات. فامتنع من الحضور. فسجلوا امتناعه واطلقوا عليه لقب (TRADITEUR) واعتبروا منصبه شاغرا فسموا مكانه بقرطاجنة مجورينوس من حزبهم.