ذهب ثأودوسيوس بعد الصلح الى قيصرية ليجددها وأخذ أعوان فرموس بها بالقتل والجلد. وحاول فرموس تجديد الثورة فلم يفلح. ولما أيس خرج مشرقا لينجو بنفسه. فراصده الرومان، فعاد الى وطنه وأوقد نار الثورة من جديد، وجمع نحو عشرين الفا هزم بها ثأودوسيوس ففر في جناح الظلام وجمع عساكره بعيون بسام. واشتد غيظه على من لم يثبت منهم في المعركة فقتل فريقا وحرق آخرين بالنار. وجمع الباقين بسطيف ونظمهم تنظيما حسنا.
كان رجل بربري يدعى اغماسن رئيسا لقبيلة تقطن جنوب جرجرة. وكان هذا الرئيس قد أعان بقبيلته فرموس.
في سنة (٣٧٥) ذهب ثأودوسيوس الى تلك القبيلة وأرشى رئيسها ليقبض له على فرموس. فلم يخف على فرموس ضعفه وعجزه فانتحر، ولم يجد اغماسن الا جثته فوجهها على بعير لثأودوسيوس.
قد يكون اغماسن خائنا لفرموس لما عرف به رؤساء البربر من التخاذل. والظاهر عندي انه غير خائن، بل هو سياسي حاذق لانه علم عجز فرموس وضعف قبيلته عن المقاومة وان الرومان سينتقمون منه ومن قبيلته، فقبل رشوة ثأودوسيوس ليكون له فضل على الرومان فيأمن على نفسه وقبيلته.
فرموس من رجال البربر المعدودين. وقد مازجه شيء من الخلق الروماني فكان محبا للرفاهية متمتعا بالملذات كأنه قيصر. ومع ذلك قاسى في سبيل الاستقلال البربري أهوال الحروب ثلاث سنين.
فرموس وتقفاريناص ويوغورطة ومصينيسا رجال متشابهون في الجلد ومقارعة الاهوال وعدم الخضوع للعدو وقوة الرجاء في النصر. ومن لم يفلح مات شهيدا في سبيل الاستقلال.