يحاربون لتين المغرب وخيراته. فقطعت أملهم- على ظنها- بأن أمرت بتخريب المدن والحصون ونسف العمران. وقالت لقومها: نحن انما نريد المزارع والمراعي. ولا شأن لنا بما عدا ذلك. فعلت هذا من جهة. واتخذت يدا عند العرب من جهة أخرى بتسريح أسراهم والاحسان الى خالد. فاحتاطت لنفسها وقومها من حهتين. ولكنها لم تفهم غرض العرب من غزو افريقية. فكان أمرها ذلك خاليا من الحاكمة. فقد أفسدت عليها البربر بذلك. وصاروا مضمرين نصرة حسان عليها ان هو عاد لحربها.
حسان بعد هزم الكاهنة له أقام ببرقة بأمر من عبد الملك منتضظرا انجاده. وكان عبد الملك في شغل عن ذلك بفتن داخلية. وفي سنة (٧٤) جاء المدد الى حسان فخرج من برقة لغزو الكاهنة. وكان على علم بتضعضع مركزها بما كان بينه وبين خالد من الصلة السرية.
تلقاه البربر وبقايا الروم هذه المرة بوجه غير الاول. فبذلوا له طاعتهم. وأمدوه بالاموال. وأدركت الكاهنة خذلان الامة لها. فتحصنت بعاصمتها. وقضت بها ستة أشهر تحت الحصار. ثم غادرتها من نفق. وناوشت العرب القتال من غير ثبات لعدم ثقتها بالبربر.
قال غروت: "بعد أن أيست الكاهنة من النصر ورأت خذلان البربر واليونان لها أرادت الانتقام منهم. فأرسلت الى حسان تعرض عليه اسلامها واسلام من بقي تحت أمرها، والوقوف في صفه. ووجهت ذلك مع ولديها. فلم يقبل حسان. وأسر الولدين. واذ ذاك تأخرت الى أوراس. وكانت لها بنت تدعى مشوشة، قد أعدت لها ملجأ هنالك بمكان يدعى جفة. وتمكنت بذلك من دفاع العرب مرارا. ولكنهم دخلوا أخيرا ملجأها. ففرت. وقتلت في طريق فرارها