ويوجد الفرصة لخرق الحصار واللحاق باسطوله. فتردى به فرسه وهلك. ففر كثير من المرابطين الى تلمسان وغيرها. واستعد بعضهم للحصار بوهران، فجهدهم العطش. ونزلوا يوم عيد الفطر على حكم عبد المؤمن، فحكم بقتلهم، لم ينج منهم الا واحد.
وبعد فتح وهران توجه عبد المؤمن نحو تلمسان، فدخل اقادير، وعفا عن أهلها ودخل تاقرارت حيث المرابطون عنوة، فقتل رجالها وغنم أموالها. وذكر ابن اليسع ان عدد القتلى بها بلغ مائة الف أو أزيد، وبعد سبعة أشهر من فتح تلمسان عاد عبد المؤمن الى المغرب الاقصى. فقطع منه دعوة المرابطين بفتحه مراكش سنة ٤١.
وهكذا انتصر عبد المؤمن بما مهد له ابن تومرت قبل من نشر رسائل الطعن في المرابطين حتى سقطت هيبتهم ثم باحكامه خطته الحربية حيث سار بالجبال الكفيلة بحاجيات الجيش الممتنعة على العدو.
وملك بذلك زمام الحرب. فصار يقاتل متى أراد القتال ويستريح متى شاء. وطاول المرابطين في هذه الحرب سبع سنوات حتى سئم جيشهم وقلق الناس مما يكون عادة لازما للحرب من اشتداد الازمات وارتفاع الاسعار.
وقد كانت دولة المرابطين يومئذ في منتهى عظمتها وريعان شبابها. فما كانت لتسقط بهذه السرعة لولا قوة العلة التي نزلت بها وكان عنصرا علتها ابن تومرت وعبد المؤمن. وما من حركة يكون عنصراها مثل هذين الرجلين الا كان الفوز حليفها. ولكي تطمئن النفس الى سقوط هذه الدولة من غير تدريج نلخص عللها فيما يلي:
١ - دهاء ابن تومرت السياسي البارع في طرق نشر الدعوة واسقاط هيبة الحكومة المرابطية.
٢ - احكام عبد المؤمن لخطته الحربية جغرافيا وسياسيا.