احسن بنو مزني سياسة الرعية، وعاشوا مع رياح احسن مما عاش معهم الحفصيون، حتى ان ثورة سعادة لم تشمل رياحا أجمعين. وكان مع بني مزني علي بن أحمد ثم نافسهم لاستئثارهم بمال الجباية دونه، فثار عليهم متدثرا بالسنية، ولكن يوسف بن منصور استمال ابنه يعقوب وابن عمه سليمان بن علي بن سباع، وأنزلهما معه ببسكرة وأنكح أخته يعقوب، ثم انعقدت السلم بين يوسف بن مزني وعلي ابن أحمد حوالي سنة ٤٠ فلم تنقض بعد.
وكانت بطانة أمراء الحفصيين ببجاية تحسد بني مزني على هنائهم وثروة امارتهم، فتسعى بهم لدى الامراء، وكان بنو مزني يطفئون تلك السعايات بتوفير الجباية للامراء واتحاف بطانتهم بالهدايا، وربما لم ينجح هذا الدواء فيضطر بنو مزني الى نصب أحد الحفصيين المملك ومبايعته ضد الأمير السابق أو الى موالاة ملوك زناتة أهل تلمسان وفاس.
ففي أيام ابي البقاء بن ابي زكرياء فر يحي بن خالد بن السلطان ابي اسحق الى منصور بن مزني وقد فسد ما بينه وبين ابي البقاء فبايعه واجلب به على قسنطينة، ووسوس ليحي بعض حاشيته في منصور فعزم على نكبته اذا تم أمره وشعر به منصور فنبذه، وراجع طاعة ابي البقاء وخاب سعي يحي، فنزل على منصور. وأقام تحت جرايته وحرسه مرصدا للعواقب الى أن مات سنة ٧٢١ فكان ابن اللحياني يصانع منصورا من أجله بالجوائز واقطعه من املاك السلطان بضواحي تونس أملاكا ورثها عنه بنوه.
ودعا منصور لابي تاشفين الاول أيام ابي بكر أخي ابي البقاء، وترددت اليه العساكر. فأعجزها. وبقي على ذلك الى أن خلفه ابنه عبد الواحد، فلم يلبث ان غاضبه عامل بجاية محمد بن ابي الحسين