وههنا اودع طائفة الاعتماد على الابحاث التي لا نتيجة لها غير الشكوك والاوهام، وارجع الى تمحيص تلك الروايات لاستخراج ما تطمئن اليه النفس منها.
١ - اما القائلون باصالة البربر في افريقية وعدم انتقالهم اليه من وطن آخر فظاهر انهم لم يذهبوا هذا المذهب الا لكونهم لم يعرفوا للبربر وطنا قبل هذا الوطن. ولكن من المعلوم ان آسيا هي مهد الاصول الاولى للبشر، وانهم لما كثروا وضاق بهم وطنهم الاول أخذوا يتوسعون فيما حولهم من الاوطان ويكتشفونها وطنا بعد آخر.
فهذا غير صحيح ولا معقول الا ان يكون اصحابه لا يعترفرت بابوة آدم للبشر ولا باستقلال نوعهم وانما هم منحدرون او صاعدوت من سلالة القرود مثلا. وهو رأي أفن او حلم طائش لا يعقل الاخذ به بدلا مما تواتر في التواريخ القديمة ان الوطن الاصلي للبشر هو بعض جهات آسيا، او ايثارا له عما جاء في الكتاب الحكيم ان البشر من آدم.
٢ - واما القائلون بان البربر هنديون فهم ابعد عن الصواب من الاولين اذ البربر معروفون بأفريقية من قبل التاريخ- كما ذكره غير واحد من المؤرخين- فكيف يكونون منقولين من الهند؟ واي طريق سلكوها من الهند الى أفريقية؟
ان قالوا طريق البحر قلنا انها لطولها وعظمة البحر في بعضها يتوقف سلوكها على بسطة في علمي الجغرافية والنجوم ومعرفة مهاب الرياح وتقدم في صناعة المراكب البحرية. وكل ذلك مفقود في ذلك العصر السحيق.
وان قالوا طريق البر قلنا ان سلوكها يتوقف على جيوش جرارة واسلحة ممتازة ليتمكنوا من مغالبة الامم التي يمرون بها، ثم لا يصلون الى أفريقية الا بعد سنين طوال مملوءة من الحروب والاهوال. وذلك مما