للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ص د]

وذكر محمد بن أبي المعالي بن الحسن الخواري في كتابه " ضالة الأديب، من الصحاح والتهذيب" - وقد ذكر الميداني - قال: سمعت غير مرة من كتَّابِ أصحابه يقولون: لو كان للذكاء والشهامة والفضل صورة لكان الميداني تلك الصورة، ومَنْ تأمل كلامه واتقفى أثره علم صدق دعواهم.

وكان ممن قرأ عليه وتخرج به: الإمامُ أبو جعفر أحمد بن علي المقرىء البيهقي، وابنه (أي ابن الميداني) سعيد، وكان إماماً بعده.

قال عبد الغافر بن إسماعيل: ومن أشعاره:

تنفَّس صُبْحُ الشيب في ليل عارضي ... فقلت: عَساَهُ يكتفي بِعِذَارِي

فلما فشا عاتبته فأجابني ... ألا هل يُرَى صُبْحٌ بغير نهارِ؟

وذكره أبو الحسن البيهقي في كتاب " وِشاح الدُّمْيَةِ" فقال: الإمامُ، أستاذنا، صَدْرُ الأفاضل، أبو الفضل أحمد بن محمد بن أحمد الميداني، صَدْرُ الأدباء، وقدوة الفضلاء، قد صاحَبَ الفضل في أيام نَفِدَ زاده، وفنى عَتَاده، وذهبت عُدَّتهُ، وبطلت أُهْبَتهُ، فقوَّمَ سِنادَ العلوم بعد ما غيَّرتها الأيامُ بصُرُوفها، ووضع أنامل الأفاضل على خُطُوطها وحُرُوفها، ولم يخلق الله تعالى فاضلاً في عَهْده إلا وهو في مائدة آدابه ضَيْف، وله بين بابِهِ وداره شتاء وصَيْف، وما على مَنْ عام لجج البحر الخِضَمّ واسْتَنْزَف الدرر ظُلْمٌ وحَيْف، وكان هذا الإمامُ يأكُلُ من كَسْب يَدِه، ومما أنشدني - رحمه الله - لنفسه:

حَنَنْتُ إليهم والدِّيارُ قريبة ... فكيف إذا سار المَطِيُّ مَرَاحلا؟

وقد كنتُ قبل البَيْن، لا كان بَيْنُهُمْ، ... أُعَايِنُ للهِجْرَانِ فيهم دلائلا

وتحت سُجُوف الرقم أغْيَدُ ناعِمٌ ... يَمِيسُ كخوطِ الخيزرانة مائلا

ويَنْضُو علينا السيف من جَفْن مقلة ... تريق دَمَ الأبطال في الحب باطلا

وتكسرنا لَحْظاً ولفظاً، كأنما ... بِفِيه وعَيْنَيْهِ سُلاَفَةُ بَابِلاَ

وله أيضاً:

شَفَةٌ لَمَاهَا زادَ في آلامي ... في رَشف ريقتها شِفَاءُ سَقَامِي

قد ضَمَّنَا جنحُ الدُّجى وللثمنا ... صَوْتٌ كقَطِّكَ أرْؤس الأقلام

وذكر البيتين اللذين أولهما ... تنفس صبح الشيب في ليل عارضي ... ثم قال: وله أيضاً:

<<  <  ج: ص:  >  >>