وفي سنة ثمانين ومئتين في شوال في خلافة المعتضد أصبحت الدنيا مُظلمة إلى العصر، فهبت رِيحٌ سوداء، فدامت إلى ثلث الليل، وأعقبها زلزلة عظيمة أذهبت عامة بلد الدِّيبل.
وفي سنة خمس وثمانين ومئتين في خلافته: هبت رِيحٌ صفراء بالبصرة، ثم صارت خضراء، ثم صارت سوداء، وامتدت في الأمصار.
وفي خلافة المقتدر: جاءت رِيحٌ سوداء ببغداد، واشتد الرعد والبرق حتى ظُنَّ أنها القيامة.
وفي خلافة المستظهر: هبت بمصر رِيحٌ سوداءُ مُظلمةٌ أخذت الأنفاس حتى لا يبصر الرجل يده، ونزل على الناس رمل، وأيقنوا بالهلاك، ثم انجلى قليلًا، وعاد إلى الصفرة.
وفي سنة أربع وعشرين وخمس مئة: طلعت سَحابةٌ على بلد الموصل، فأمطرت نارًا، وأحرقت ما نزلت عليه، وظهر بالعراق عقارب طيارة، فقتلت خَلقًا عَظيمًا. ذكره ابن أبي حجلة.
وفي سنة ست وتسعين وخمس مئة: هبت رِيحٌ سوداء مُظلمة بمكة عمت الدنيا، ووقع على الناس رمل أحمر، ووقع من الركن اليماني قطعة.
وفي سنة ست وعشرين وثمان مئة في ولاية الأشرف برسباي: هبت بمصر رِيحٌ بَرِقةٌ تحمل تُرابا أصفر إلى الحمرة، وذلك قبل غروب الشمس، فاحمر الشفق جدًا بحيث صار من لا يدري يَظُنُّ أن بجواره حَريقًا، وصارت البيوت كلها ملأى تُرابًا ناعمًا جدًا يدخل الأنوف والأمتعة، ثم لما تكامل غيبوبة الشفق اسود الأفق، وعصفت الريح وكانت معلقة، فلو وصلت الأرض لكان أمرًا مَهُولًا، وكثر ضجيج الناس في الأسواق والبيوت بالذكر والدعاء والاستغفار إلى أن لطف الله بإدرار المطر، ولم تَهُب هذه الريح مُنذ ثلاثين سنة قبلها، وانتشرت حتى غطت الأهرام، والجيزة، والبحر، واشتدت حتى ظنوا أنها تُدَمِّرُ كل شيء، فدامت تلك الليلة ويومها إلى العصر، وكانت