اختلفوا: هل إذا كان كذلك، وامتدت الدنيا بعد ذلك إلى أن يُنسي هذا الأمر، أو ينقطع تواتره، ويصير الخبر عنه آحادًا، فمن أسلم حينئذ وتاب تُقْبَلُ منه أم لا؟
ذكر أبو الليث السمرقندي في "تفسيره": عن عمران بن حصين - رضي الله عنه - قال: إنما لا يقبل الإيمان والتوبة وقت الطلوع، فمن أسلم أو تاب بعد ذلك قُبِلت توبته.
قال الحافظ في "فتح الباري" ما حاصله: إن الذي دلت عليه الأحاديث الثابتة الصحاح والحسان أن قبول التوبة مَلغِيٌّ بطلوع الشمس من مغربها، ومفهومها: أن بعد ذلك لا تقبل، بل وفي بعض الروايات التصريح بعدم القبول.
كما عند أحمد، والطبراني: عن مالك بن يخامر، ومعاوية، وعبد الرحمن بن عوف، وعبد الله بن عمرو؛ رفعوه:"لا تزال التوبة مقبولة حتي تطلع الشمس من مغربها، فإذا طلعت طبع علي كل قلب بما فيه، وَكُفي الناس العمل".
وفي حديث ابن عباس رضي الله عنهما عند ابن مردويه السابق:"فإذا أُغْلِقَ ذلك الباب لم تقبل بعد ذلك توبة، ولا تنفع حسنة".
وعند نُعيم بن حماد، عن ابن عمرو رضي الله عنهما:"فيناديهم مُنادٍ: يا أيها الذين آمنوا؛ قد قُبِلَ منكم، ويا أيها الذين كفروا؛ قد أُغْلِقَ عنكم باب التوبة، وجفت الأقلام، وطويت الصحف".
ومن طريق يزيد بن شريح، وكثير بن مرة:"إذا طلعت الشمس من المغرب يُطبع علي القلوب بما فيها، وترتفع الحفظة، وتؤمر الملائكة أن لا يكتبوا عملًا".
وأخرج عَبدُ بن حُميد، والطبري بسندٍ صحيح عن عائشة رضي الله عنها:"إذا خرجت أول الآيات -يعني: طلوع الشمس من المغرب- طُرِحت الأقلام، وطويت الصحف، وخلصت الحفظة، وشهدت الأجساد علي الأعمال".
وعن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال:"الآية التي تختم بها الأعمال: طلوع الشمس من مغربها".