وعهد إلى ابنه عبد الملك فقام مقامه، وكَمُلَ له مُلك الشام، ومصر، والمغرب، ولابن الزبير ملك اليمن، والحجاز، والعراق، والمشرق. إلَّا أنَّ المختار بن أبي عبيد غلب على الكوفة، وكان يدعو إلى المهدي من أهل البيت، ويقول: إنه محمد ابن الحنفية، فأقام على ذلك نحو السنتين، ثم سار إليه مصعب بن الزبير أمير البصرة لأخيه عبد الله بن الزبير، فحاصره حتى قُتل في شهر رمضان في سنة سبع وستين.
وانتظم أمر العراق كله لابن الزبير، فدام ذلك إلى سنة إحدى وسبعين، فسار عبد الملك إلى مصعب بن الزبير، وقاتله حتى قتله في جمادى منها، وملك العراق كله، ولم يبق مع ابن الزبير إلَّا الحجاز واليمن فقط.
فجهز إليه عبد الملك الشقي الحجاج بن يوسف الثقفي، فحاصره في سنة اثنتين وسبعين إلى أن قُتل عبد الله بن الزبير في جمادى الأولى سنة ثلاث وسبعين، وكان مجموع مدة ابن الزبير تسع سنين وشيء.
ثم اجتمع الناس على عبد الملك بن مروان، ثم بعده على ابنه الوليد، ثم ابنه الآخر سليمان، ثم عمر بن عبد العزيز، ثم ابنه الآخر يزيد، ثم ابنه الآخر هشام.
فهؤلاء كلهم أولاد عبد الملك إلَّا عمر؛ فإنه ابن أخيه عبد العزيز.
ثم بعد هشام تولّى ابن أخيه الوليد بن يزيد، فقام عليه ابن عمه يزيد بن الوليد فقتله، وقام عليه مروان الحمار بن محمد بن مروان.
ولما مات ولي أخوه إبراهيم، فغلبه مروان، واختل أمرهم حتى غلب على المُلْكِ بنو العباس وقتلوهم أشد قِتلة.
فلله الأمر من قَبلُ ومن بَعْد.
ومنها: خراب المدينة بعد الحرة:
أخرج ابن شَبّة، عن أبي هريرة - رضي الله عنه -: لَيخرُجَن أهل المدينة من المدينة أَعْمَرَ ما كانت، نصفًا زَهوًا ونصفًا رُطبًا، قيل: من يُخْرِجهم؟ قال: أمراء السوء.
وروى أحمد برجال الصحيح؛ أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - صَعِد أُحُدًا، فأقبل