للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أيامه كأيامكم" كذا في حديث النواس بن سمعان - رضي الله عنه - عند أحمد، ومسلم، والترمذي.

وفي حديث أبي أمامة - رضي الله عنه - عند ابن ماجه، وابن خزيمة، والحاكم، والضياء: "إن أيامه أربعون سنة، السنة كنصف السنة، والسنة كالشهر، والسنة كالجمعة، وآخر أيامه كالشررة؛ يُصبح أحدكم على باب المدينة فلا يبلغ بابها الآخر حتى يمسي".

تَنبيه

اختلف العلماء في تأويل هذا الحديث، فمنهم من قال: هو كنايةٌ عن اشتغال الناس بأنفسهم من الفتن حتى لا يدرون كيف يمضي النهار، فيكون مضي النهار عندهم كمُضي الساعة، والشهر كاليوم، والسنة كالشهر.

وقال بعضهم: بل هو على ظاهره. فقد ورد من حديث أنس - رضي الله عنه - عند أحمد، والترمذي في أشراط الساعة: "لا تقوم الساعة حتى يتقارب الزمان، فتكون السنة كالشهر، ويكون الشهر كالجمعة، وتكون الجمعة كاليوم، ويكون اليوم كالساعة، وتكون الساعة كالضرمة بالنار".

والجواب عن اختلاف الحديثين إما بالترجيح وإما بالجمع، فإن رجحنا فحديث النواس عند مسلم أقوى؛ لأنه أصح. وإن كان الثاني أيضًا في "الصحيح" فَيقَدَّمُ. وإن جمعنا فطريق الجمع من وجوه:

الأول: أن أيامه أربعون سنة، وسمى السنين أيامًا مجازًا، ثم إن أول أيام سنته الأولى كسنة، وثانيها كشهر، وثالثها كجمعة، وباقي أيامها كأيامنا، ثم تتناقص أيام السنة الثانية حتى تكون السنة كنصف سنة، وهكذا إلى أن تكون السنة كشهر، والشهر كجمعة، حتى يكون آخر أيامه كالشررة؛ يُصبح أحدهم على باب المدينة فلا يبلغ بابها الآخر حتى يُمسي، فتكون السنة الأولى من سنينه مشتملة على مقدار سنين من سِنينا، وَسُنُوه الأخيرة مقدار سنة من سِنينا.

ويقربه رواية نُعيم والحاكم المارة عن ابن مسعود - رضي الله عنه - أنه يقول: أنا رب العالمين، وهذه الشمس تجري بإذني، أفتريدون أن أحبسها؟ فيحبس الشمس حتى

<<  <   >  >>