للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويبقي طوائف من الناس الشيخ الكبير، والعجوز الكبيرة يقولون: أدركنا آباءنا علي هذه الكلمة فنحن نقولها.

فقال رجلٌ لحذيفة: فما تغني عنهم الكلمة؟ فأعرض عنه حذيفة، فأعاد عليه السؤال ثانيًا وثالثًا، فقال في الثالثة: تُنْجِيهم من النار.

وأخرج أحمد بسندٍ قوي عن أنس - رضي الله عنه - قال: "لا تقوم الساعة حتي لا يُقال في الأرض: لا إله إلا الله".

وهو عند مسلم، لكن بلفظ: "الله الله".

فدلت الأحاديث المذكورة علي أن المراد بالشرار في الحديث: هم الذين لا يقولون: (لا إله إلا الله)، و (الله الله)، وأنه ما دام في النوع الإنساني من يقول هذه الكلمة لا تقوم الساعة، وإنما تقوم علي الكفار الذين لا يعرفون نكاحًا ولا يولدون من نكاح، فيكونون بهائم في صورة الإنسان وليسوا بإنسان حقيقة، أولئك كالأنعام بل هم أضل.

تَكْمِلَة

في فائدةٍ ذكرها الشيخ الكبير محيي الدين بن عربي رحمه الله في "الفصوص" في (الفص الشيثي)، فلنذكر كلامه مع شرحه للعلامة المحقق نور الدين عبد الرحمن الجامي قدس الله أسرارهما.

قال رحمه الله: (وعلي قدم شيث عليه السلام) بل علي قلبه في التهيؤ للتجليات الذاتية، والعطايا الوهبية (يكون آخر مولود يولد في النوع الإنساني)؛ لأن مراتب الوجود دورية، فكما أن شيثَ عليه السلام كان أول مولود من سلسلة أولاد آدم المنتهية إلينا ينبغي أن يكون آخر مولود أيضًا كذلك؛ ليتم الدائرة بانطباق آخرها علي أولها (وهو حامل أسراره) من علومه وتجلياته؛ لما ذكرنا (وليس يولد بعده) ولدٌ آخر (في هذا النوع الإنساني، فهو خاتم الأولاد يولد معه) في بَطنٍ واحد (أخت له) كما أن شيثَ عليه السلام أيضًا كان كذلك؛ فإن حواء كانت تلد لآدم في كل بَطنٍ ذكرًا وأنثي (فتخرج أخته) قبله (ويخرج) هو بعدها؛ لأنه لو لم يتأخر عنها في الولادة لم

<<  <   >  >>