ثم لا زالوا في التناقص إلى أن بقي لهم من الخلافة مُجرد الاسم، وغلب آل سلجوق على معظم البلاد، فكان آخرهم بالعراق المستعصم الذي قتله التتار، ثم انتقلوا إلى مصر.
وكان زمانهم مشحونًا بالعلماء في كل فنٍّ؛ من التفسير، والحديث، والنحو، واللغة، والقراءات، والفقه، والكلام، والتاريخ، وغير ذلك، حتى أن زمان الرشيد كان يسمى: عروس الدهر.
ومنها: فتنة الفاطمية:
واستيلاؤهم على المغرب ومصر نحوًا من ثلاث مئة سنة، وإظهارهم الرفض، ونصرهم مذهب الباطنية، وإلحادهم في الدين.
وكان استيلاؤهم على جزيرة الفسطاط سنة ثمان وثلاث مئة، وكان انتزاعها منهم على يد صلاح الدين يوسف بن أيوب الملك الناصر، في سنة أربع وستين وأربع مئة، فرحم الله روحه، وجزاه عن الإسلام خيرًا.
ومن فتن هؤلاء: أنَّ الحاكم منهم بنى دارًا وفرشها، وأجلس الفقهاء والمحدثين فيها، ثم بعد ثلاث سنين هدمها، وقتل الفقهاء والمحدثين.
وأنَّ الظاهر بن الحاكم جمع ألفين وست مئة وستين جارية مزينات بحليهن في قصرٍ، وأمر ببناء أبوابه إلى أن مِتن كُلُّهن، وبعد ستة أشهر أضرم عليهن النار، فأحرقهن بثيابهن وحليهن، فلا رحمه الله، ولا رحم من خلفه. ذكر ذلك السيوطي في "حُسْنِ المحاضرة".
قال ابن أبي حَجلَة في "السكردان": إن الحاكم قتل من العلماء ما لا يُحصى، وأمر بِسَبِّ الصحابة، وأمر بكتب ذلك على أبواب المساجد والشوارع، ثم محاه بعد مدة، وهدم قمامةً، وبنى مكانها مسجدًا، ثم أعادها كما كانت.
وبنى المدارس، وجعل فيها العلماء والمشايخ، ثم قتلهم وهدمها، ونهى عن أكل الملوخية والجرجير، وعلل تحريمها بكون معاوية - رضي الله عنه - يميل إلى الملوخية، وعائشة رضي الله عنها إلى الجرجير.