قال ابن كثير: وهذا هو المشهور الذي ذكره شيخنا الذهبي وغيره، وقيل: سنة سبعين، وقيل: سنة ست وسبعين، وقيل: سنة ثمانين.
قال ابن كثير: حكاه ابن جرير عن الواقدي، ومات فيه لأنس بن مالك - رضي الله عنه - ثلاثة وثمانون ولدًا، ولأبي بكرة - رضي الله عنه - أربعون ولدًا.
قال ابن كثير: كان ثلاثة أيام، مات في أول يوم منه من أهل البصرة سبعون ألفًا، وفي اليوم الثاني منه واحدٌ وسبعون ألفًا، وفي اليوم الثالث منه ثلاثة وسبعون ألفًا. وأصبح الناس في اليوم الرابع موتى إلا القليل من آحاد الناس، حتى ذُكِر أن أُم الأمير بها ماتت، فلم يجد من يحملها.
وقال صاحب "المرآة": مات فيه أهل الشام إلا اليسير.
وقال الحافظ أبو نُعيم الأصفهاني: حدثنا عبيد الله، حدثنا أحمد بن عصام، حدثني معدي، عن رجل يُكنى أبا الفضل وكان قد أدرك زمن الطاعون، قال: كُنا نطوف في القبائل وندفن الموتى، فلما كثروا لم نقدر على الدفن، فكنا ندخل الدار وقد مات أهلها فَنسد بابها.
فدخلنا دارًا نُفَتشها فلم نجد فيها أحدًا حيّا، فسددناها، فلما مضت الطواعين كُنا نَطوفُ فَننزعُ تلك السُّدَد عن الأبواب، ففتحنا سُدةَ الباب التي كنا قد فتشناها، فإذا نحن بغلام في وسط الدار طَريٌ دهين، كأنما أُخِذ ساعتئذ من حِجر أمه.
قال: فنحن وقوفٌ على الغلام نتعجب منه، فدخلت كلبةٌ من شق الحائط، فجعلت تلوذُ بالغلام، والغلام يحبو إليها حتى مص من لبنها.
قال معدي: وأنا رأيت ذلك الغلام في مسجد البصرة قد قبض على لحيته.
وقال ابن أبي الدنيا في كتاب "الاعتبار": حدثني يحيى بن عبد الله الخثعمي، عن محمد بن سلام الجُمحي قال: زعم يحيى أنه لما وقع الطاعون الجارف بالبصرة، وذهب الناس فيه، وعجزوا عن موتاهم، وكانت السباع تدخل البيوت فتصيب من الموتى، وذلك سنة سبعين أيام مُصعب، وكان يموت في اليوم سبعون ألفًا فبقيت جاريةٌ من بني عجل ومات أهلها جميعا، فَسَمِعت عواء الذئب فقالت: