وعن أبي عُبيدة:"لا يزال هذا الدِّين قائمًا بالقسط حتى يكون أول من يَثْلُمهُ رجلٌ من بني أمية".
وعن أبي العالية قال: كنا بالشام مع أبي ذر - رضي الله عنه -، فقال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول:"أول رجل يُغَيّر سنتي، رجل من بني فلان -يعني: بني أمية-، فقال يزيد بن أبي سفيان؛ أخو معاوية: أنا هو؟ قال: لا".
قال: وقد أخرج أبو يعلى، عن أبي عُبيدة مرفوعًا:"لا يزال أمر أمتي قائمًا بالقسط حتى يكون أول من يَثْلُمهُ رجل من بني أمية يقال له: يزيد".
وأخرج الرُّوياني عن أبي الدرداء - رضي الله عنه - مرفوعًا:"أول من يُبدِّل سنتي رجل من بني أمية يقال له: يزيد".
وسبب هذه الوقعة: أنَّ معاوية - رضي الله عنه - لما أراد أخذ البيعة ليزيد من أكابر أهل الحجاز؛ كابن عمر، وابن عباس، وعبد الرحمن بن أبي بكر رضي الله عنهم أرسل إليهم في ذلك، فلم يُجيبوه، فأرسل إلى ابن عمر رضي الله عنهما بمئة ألف درهم فأخذها، فَدّس إليه رجلًا فقال له: ما يمنعك أن تبايع؟ فقال له: إنَّ ذاك لذاك -يعني: عطاء المال للمبايعة-، إنَّ ديني إذًا عندي لرخيص، لا أُبايع أميرين أبدًا.
وأرسل إلى عبد الرحمن بن أبي بكر، فأجابه بكلامٍ غليظ.
وأرسل إلى عبد الله بن الزبير، فأجابه بنحو ذلك، فظن أنهم لا يرضون بخلافة يزيد، ولا يبايعونه.
فلما احتضر معاوية - رضي الله عنه - قال لابنه يزيد: لقد وَطّأتُ لك البلاد، ومَهدتُ لك الناس، ولست أخاف عليك إلَّا أهل الحجاز، فإن رابك منهم أمر فوجه إليهم مسلم بن عقبة؛ فإني قد جربته، ورأيت نصيحته.
فلما مات وصار أمر الحسين - رضي الله عنه - إلى ما ذكر أظهر ابن الزبير رضي الله عنهما الخلاف على يزيد، والتجأ إلى مكة، وقام أهل المدينة، فشاركوا ابن الزبير في الخلاف، وخلعوا يزيد بعد أن بايعوه، وحاصروا بني أمية الذين كانوا بالمدينة، فأرسل مروان: إنَّا حُصرنا، ومُنعنا الماء العذب، فواغوثاه.