أبواب جهنم تمنع الناس أن يقتحموا فيها، فإذا مِتَّ اقتحموا.
وفي "صحيح البخاري": أنَّ أبا وائل قال: قلنا لحذيفة - رضي الله عنه -: أَعلِمَ عمرُ مَن الباب؟ قال: نعم، كما يعلم أنَّ دون غدٍ الليلة، إني حَدّثته حديثًا ليس بالأغاليط. قال:"فهبنا أن نسأله، وأمرنا مسروقًا فسأله، فقال: من الباب؟ قال: عمر".
وحاصل معنى هذه الأحاديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - شَبّه مدة حياة عمر - رضي الله عنه - بحصنٍ منيع فيه أهل الإسلام، وشبّه شخص عمر - رضي الله عنه - بباب ذلك الحصن، وفهم ذلك عمر - رضي الله عنه -، وسأل حذيفةَ: أيموت أم يقتل؟ فأخبره أنه يقتل، فقال: ذاك أحرى أن لا يُغلق، فإنَّ الباب إذا كان موجودًا يمكن غَلقُه بعد الفتح، بخلاف ما إذا انكسر.
وإنما كان هو الباب دون عثمان - رضي الله عنه -؛ لأنَّ وجود الباب يمنع من دخول العدو للحصن، وإنَّ الفتنة لم تظهر في حياة عمر - رضي الله عنه -؛ لأنَّ وجوده كان بابًا مانعًا من ظهورها، وإنما ظهرت في حياة عثمان - رضي الله عنه -، وَقُتلَ هو فيها، فلو كان هو الباب المانع منها لما ظهرت الفتن في حياته، فاندفع ما استشكله الزركشي من أنَّ الواقع في الوجود يشهد أنَّ الأولى بذلك عثمان - رضي الله عنه -؛ لأنَّ قتله هو سبب افتراق الكلمة.
ووجه الاندفاع ظاهرٌ، وسببه كما رواه ابن سعد، عن ابن شهاب: أنَّ عمر - رضي الله عنه - كان لا يأذن لصبي قد احتلم في دخول المدينة، حتى كتب المغيرة بن شعبة وهو على الكوفة يذكر له غُلامًا عنده صَنْعًا، ويستأذنه أن يُدخِلهُ المدينة، يقول: إنَّ عنده أعمالًا كثيرةً فيها منافع للناس، حَدادٌ، نقاش، نجار. فكتب إليه عمر - رضي الله عنه -، فأذن له أن يُرسل به إلى المدينة، وكان كافرًا مجوسيًا يُدعى: أبا لؤلؤة، وكان خبيثًا، إذا نظر إلى الصبيان الصغار يمسح رؤوسهم ويبكي، ويقول: إنَّ العرب أكلت كبدي. وكان قد ضرب عليه المغيرة مئة درهم في كل شهر، وفي رواية: مئة وعشرين درهمًا، وفي رواية: أربعة دراهم كل يوم.