للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثم قال: لكني أعرفه وأعرف مولده، وأين هو الآن.

وفي رواية: لو عرض عَليَّ أن أكون أنا هو لم أكره، قال: فقلت له: تبًا لك سائر اليوم.

قال الحافظ: وهذه الأحاديث كلها ليست نصًا، ولا صريحًا في أن ابن الصياد هو الدجال؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - ردد فيه القول فقال: "إن يكن هو"؛ أي: وهذا كان عند أول قدومه - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة، ثم لما أخبره تميم الداري جزم بأن الدجال هو ذلك المحبوس الذي رآه تميم، وسيأتي حديثه.

وأما حَلفُ عمر - رضي الله عنه - عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: فبناءً على ظنه وسكوت النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ لأنه كان مُترددًا فيه إذ ذاك.

وأما حَلفُ جابر - رضي الله عنه -: فبناء على حَلف عمر - رضي الله عنه - عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وأما حديث أبي سعيد - رضي الله عنه -: فغايته أن يكون ابن صياد أحد الدجاجلة، وأحد أتباع الدجال الكبير.

قُلْتُ: أو أنه لم يكن سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يُحدث عن تميم، فقال بناء على ذلك.

قال الحافظ: وأما ما أخرجه أبو داود (١) من حديث أبي بكرة؛ مرفوعًا: "يمكثُ أبوا الدجال ثلاثين عامًا لا يُولد لهما، ثم يولد لهما غلام أعور، أضر شيء، وأقله نفعًا إنه تنام عينه ولا ينام قلبه". ونعت أباه وأمه.

قال: فسمعنا بمولودٍ ولد في اليهود، فذهبت أنا والزبير بن العوام فدخلنا على أبويه فإذا النعت الذي نعته النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقلنا: هل لكما ولد؟ قالا: مكثنا ثلاثين عامًا لا يُولد لنا، ثم وُلد لنا غلام أعور أضر شيء وأقله نفعًا ... الحديث.

فقال البيهقي في الجواب عنه: تفرد به علي بن زيد بن جُدعان، وليس بالقوي.

قال الحافظ: وَيُوهي حديثه أن أبا بكرة - رضي الله عنه - أسلم حين نزل من الطائف لما حُوصرت سنة ثمانية من الهجرة.


(١) الظاهر أنه في نسخة ابن داسة، ولم نجده في "اللؤلؤيِّ" (ز).

<<  <   >  >>