للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كما في الروايات الأول عشرون ومئة سنة، لكنها تمر مرًا سريعًا كمقدار عشرين ومئة شهر، كما في "صحيح مسلم": عن أبي هريرة - رضي الله عنه - رفعه: "لا تقوم الساعة حتي تكون السنة كالشهر" ... الحديث، وفيه: "اليوم كالساعة، والساعة كاحتراق السعفة". اهـ

وعلي هذا: فيكون تقارب الزمان وتقاصر الأيام مرتين، مرةً في زمن الدجال، ثم ترجع بركة الأرض وطول الأيام إلى حالها الأولي، ثم تتناقص بعد موت عيسي عليه السلام إلى أن تصير في آخر الدنيا إلى ما ذكر.

وهذا تنبيهٌ حسن لم أر من نبه عليه، وبالله التوفيق.

وأقول: ما قالاه يقتضي أن تكون المدة مقدار اثنتي عشرة سنة من سنينا، فالإشكال بحاله؛ لأن المهر قد يركب في سنتين، وبتسليم ذلك وتمحل أن المراد الركوب للكر والفر في الحرب، وذلك في الخيل الأصيل لا يكون إلا في العشر وما بعدها، ولا يمكن الجمع بينها وبين رواية ثمانية وستة أشهر.

وأيضًا ينافيه حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - المار عند عَبد بن حُميد؛ مرفوعًا: "لا تقوم الساعة حتي يلتقي الشيخان الكبيران. . . ." الحديث، إلا أن يقال: إن كِبَرَ أهل ذلك الزمان علي حسب سنيهم، وعليه فَيُقدرُ إنتاج المهر وركوبه في السنين المعتادة، والأولي أن يُجمع بأن المدة القليلة بالنظر لبقاء المؤمنين، والمئة والعشرون للكفار والأشرار؛ كما تصرح به الروايات السابقة: "الأشرار بعد الأخيار".

مع هذا لابد من القول بتقاصر الزمان؛ ليكون أربعون سنة الواقعة في حديث ابن مسعود السابق في بقاء المؤمنين مقدار أربعين شهرًا، فيكون التقدير بإنتاج المهر وركوبه واضحًا.

ومعني: "تقوم الساعة" علي هذا: أنها تقوم علي المؤمنين بموتهم، ونظيره ما في البخاري: أن رجلًا سأله - صلى الله عليه وسلم - عن الساعة فنظر إلى أحدث القوم سنًا فقال: "إن يستنفد هذا عمره لم يمت حتي تقوم الساعة".

قال العلماء: أراد ساعة الحاضرين، لا ساعة عامة الخلق.

ولكن رواية الثمانية أشهر، والستة أشهر، فيجب -إن صحتا- تأويلهما قطعًا.

<<  <   >  >>