للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قُلْتُ: ويؤيد ما ذكره ما في رواية شريح السابقة: "ليغشين أهل المدينة أمرٌ يفزعهم حتى يتركوها"، فإن خروجهم عنها آخر الزمان يكون للهجرة إلى بيت المقدس؛ طلبًا للجهاد لا للفزع.

نعم؛ يمكن أن يقال: إن ذلك يقع في زمن السفياني أيضًا، وهو من أمراء السوء، وهو في آخر الزمان. لكن إذا ثبت التعدد سهل الأمر بأن يقال: يخرجون منها ثلاث مرات، وإنما ذُكِرَ في الحديث مرتين إيجازًا واختصارًا.

وبالجملة: فقد وقع ذلك في زمن يزيد، وهو من جملة قبائحه الشنيعة، ولابد من وقوعها مرة أخرى في آخر الزمان؛ كما صرحت به الأحاديث الصحيحة، وسيأتي إن شاء الله هذا الترك الثاني في القسم الثالث، وبالله التوفيق.

ومن الفتن التي وقعت في زمن بني مروان: قتل ابن الزبير، وهدم الكعبة، وتولية الحجاج؛ فإنه قتل مئة ألف وعشرين ألفًا وأربعة آلاف نفس حرام صبرًا، غير ما قتله في المحاربات، وأهان جماعةً من الصحابة، وختمهم في رقابهم إهانةً، منهم: أنس - رضي الله عنه -؛ خادم النبي - صلى الله عليه وسلم -، ودسَّ على ابن عمر رضي الله عنهما من ضربه بحربة مسمومة فقتله ... إلى غير ذلك من القبائح، ولا شك أنه سيئة من سيئات عبد الملك؛ فإنه كان أميرًا له على العراق وعلى الحجاز.

وعن حبيب بن أبي ثابت قال: قال علي - رضي الله عنه - لرجل: لا متَّ حتى تدرك فتى ثقيف. قيل: ما فتى ثقيف؟ قال: ليُقالن له يوم القيامة: اكفنا زاويةً من زوايا جهنم؛ رجل يملك عشرين أو بضعًا وعشرين سنة، لا يدع لله معصية إلَّا ارتكبها، حتى لو لم تبق إلَّا معصيةٌ واحدة وكان بينه وبينها بابٌ مغلق لكسره حتى يرتكبها، يَقتُلُ بمن أطاعه من عصاه. رواه البيهقي في "الدلائل".

ومنها: قتل زيد بن علي بن الحسين - رضي الله عنه -، وصلبه، وحرقه بالنار، وقتل ولده يحيى في زمانهم، وشربهم للخمر، وصلاتهم بالناس سكارى، وتقديمهم الجواري في المحراب، وغير ذلك من أنواع القبائح:

بل نقل السيوطي في "تاريخ الخلفاء": أن الوليد بن يزيد عزم على الحج؛ لأجل

<<  <   >  >>