فيقول له: يا بن عم؛ أنا أحق بهذا الأمر منك، أنا ابن الحسن، وأنا المهدي. فيقول له المهدي: بل أنا المهدي. فيقول الحسني: هل لك من آية فأبايعك؟ فَيومئ المهدي عليه السلام إلى الطير فيسقط على يديه، ويغرس قضيبًا يابسًا في بقعة من الأرض فيخضر ويورق. فيقول الحسني: يا بن عمي؛ هي لك.
تَنبيه
في هذا الحديث فائدةٌ، وإشكال:
أما الفائدة: فإنها تدل على أن المهدي من أولاد الحسين، وأن ابن عمه هذا حسني، وأنه يظن أن الخلافة في بني الحسن حيث يقول: أنا ابن الحسن.
ومستنده في هذه الدعوى -والله أعلم- أمران:
أحدهما: أن الحسن اسْتُخلفَ؛ فيكون أولاده أحق بها.
الثاني: أنه نزل عنها حقنًا لدماء المسلمين، فعوضه الله الخلافة في أولاده.
وكلا الأمرين مُعارَضٌ:
أما الأول: فلأن بيعة الحسن من بعض الناس؛ وهم أهل العراق والمشرق واليمن، دون أهل الشام والمغرب ومصر، وقد بايع بعضهم للحسين أيضًا.
وأما الثاني: فلأن الحسن قد فَوّتَ حقه بعد ما ناله، وأما الحسين فلم ينل ما أراد، فحقه باقٍ، فأعطاه الله في أولاده.
وأما الإشكال: فهو أن هذا الحسني إن كان الذي قدم بالرايات السود فقد مر أنه بعثَ بالبيعة من الكوفة، وأنه لا يَقدمُ الحجاز، وإنما يلقاه ببيت المقدس.
وإن كان غيره فكيف ينازعه بعد أن بايعه أهل الحجاز كلها، وبايعه أهل المشرق والعراق؟
والجواب: أنه إن قلنا إن القادم بالرايات أخوه؛ كما في بعض الروايات فهذا غيره، وحينئذ فوجه دعواه: أن البيعة للمهدي من أهل البيت كائنًا من كان، فهي بيعةٌ للمتصف بهذا الوصف لا لشخصٍ بعينه فيدعي أن البيعة له لأنه المهدي، لا لأنه ينازعه في الخلافة، فإذا ظهر له أنه ليس بمهدي بايعه.