وثمانية أشهر باعتبار مدة ما بعد نزوله الكوفة، وبعثه بالبيعة إلى المهدي.
وهذا جمعٌ حسن لا بأس به.
وطريق الجمع بين الروايات الأخيرة: وهو أن يقال -على بعد-: إن ضمير "يموت" راجع إلى السفياني؛ أي: فلا يلقى الهاشمي المهدي حتى يموت السفياني أو يرجع إليه، ويكون القادم بالرايات التميمي، ونسبته إلى الهاشمي مجاز للسبب، أو أنه يُوصل الرايات ويفتح الشام، ويموت قبل اجتماعه به بقليل.
على أن روايات قدومه بالرايات، ووصوله إليه أكثر وأشهر، فتُقدّم عند عدم إمكان الجمع، وإنما تتساقط إذا تعارضت، وكذلك روايات النصر والغلبة أكثر من روايات الهزيمة، فَتُقدّم، ولو جُمعَ فوجه الجمع: أنه ينهزم في بعض الوقعات، ثم تكون له الغلبة بعد ذلك، والله أعلم.
ثم تتمهد الأرض للمهدي، ويلقي الإسلام بجرانه، ويدخل في طاعته ملوك الأرض كلهم، ويبعث بعثًا إلى الهند فتفتح ويؤتى بملوك الهند إليه مغلولين، وتنقل خزائنها إلى بيت المقدس فتجعل حِليةً لبيت المقدس، ويمكث في ذلك سنين.
ذكر الملحمة الكبرى
وذلك أن بعد هلاك السفياني يُهَادِنون الروم صُلحًا أمنًا.
وفي بعض الروايات: أن مدة المهادنة تسع سنين، حتى يغزو المسلمون وهم عدوًا من وراءهم، فينتصرون ويغنمون وينصرفون حتى ينزلوا بمرج ذي تلوم، وهو موضع.
فيقول قائلٌ من الروم: غَلَبَ الصليب. ويقول قائل من المسلمين: بل الله غلب. فيتداولانها بينهم، فيثور المسلم إلى صليبهم وهو منهم غير بعيد، فيدقه، وتثور الروم إلى كاسر صليبهم فيقتلونه، وتثور المسلمون إلى أسلحتهم فيقتتلون، فيكرم الله تلك العِصَابة من المسلمين بالشهادة، فَيُقْتلُونَ عن آخرهم.
فتقول الروم لملكهم: كفيناك شر العرب، وقتلنا أبطالها، فما تنتظر؟ فيجمعون في مدة تسعة أشهر مقدار حمل امرأة، فيأتون تحت ثمانين غاية.