للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

للقائل: ليتقدم إمامكم. فيجيب المهدي بالفعل، والقائل بالقول؛ ليكون جواب كُلٍّ على طبق قوله، ثم إذا أصبحوا شرد أصحاب الدجال، فتضيق عليهم الأرض، فيدركهم بباب لُدّ، فيصادف ذلك صلاة الظهر، فيتحيل اللعين إلى الخلاص منه بإقامة الصلاة، فلما عرفَ أنه لا يتخلص منه بذلك ذاب خوفًا منه كما يَذُوبُ الملح، فأدركه فقتله، أو لأنه يُنشيء صلاةً في غير وقتها، وهو أدل على ضلالته وجهالته بالله.

ويقرب هذا التأويل، ما في رواية ابن المنادي عن علي - رضي الله عنه -: "يقتله الله بالشام على عقبة أَفِيق، لثلاث ساعات يمضين من النهار على يد عيسى ابن مريم".

قال في "القاموس": أَفِيق كأمير، ومنه: عقبة أفيق. اهـ

وهنا وجه آخر أقرب إلى التحقيق، وهو أنه مَرّ أن الصلاة في الأيام القصار التي هي آخر أيام الدجال تُقدر، فيحتمل أن يُصادف التقدير ذلك الوقت، وعلى هذا فلا إشكال بين كونه ينزل بدمشق لست ساعات مضين من النهار، وبين أنه يُصلي بالناس صلاة العصر. وهذا جوابٌ مبنيٌّ على التحقيق، والله يهدي للحق وهو يهدي السبيل.

ويهزم الله اليهود وأصحاب الدجال، فلا يبقى شيء مما خلق الله يتوارى به يهودي إلا أنطق الله ذلك الشيء، لا شجر ولا حجر ولا حائط ولا دابة إلا قال: يا عبد الله المسلم؛ هذا يهودي.

وفي رواية: "هذا دجال فتعال فاقتله، إلَّا الغرقد؛ فإنها من شجر اليهود لا ينطق".

قال - صلى الله عليه وسلم -: "فيكون عيسى ابن مريم في أمتي حَكَمًا عَدلًا، وإمامًا مُقْسطًا"، وسيأتي قصته مستوفاة إن شاء الله تعالى.

وأما كيفية النجاة منه: فاعلم أن النجاة منه بالعلم والعمل.

أما العلم: فبأن يُعْلَمَ أنه يأكل ويشرب، وأنَّ الله منزه عن ذلك، وأنه أعور، وأن الله ليس بأعور، وأن أحدًا لا يرى ربه حتى يموت، وهذا يراه الناس أحياء قبل موتهم، إلى غير ذلك مما مر.

<<  <   >  >>