الإيمان النافع في الدارين ما يكون جامعًا بينهما) مبنيٌّ علي القول بأن الشهادتين شطرٌ من الإيمان لا شرط، والأصح خلافه كما هو مُبينٌ في محله.
ولبعض متأخري مُحققي العجم علي هذه الآية رسالة مبسوطة بلسان المناطقة، أتي فيه بالعجب العجاب، وكشف عن وجه المقصود الحجاب، لكن لبعدها عن أفهام العامة سيما المبتدئين لم ننقل منها شيئًا هنا، ولبعض المحشين علي البيضاوي هنا خَبطٌ واضطراب، فاجتنبه؛ فإنه جعل الأجوبة الثلاثة واحدًا، وإنما نبهنا عليه؛ لئلا يُغتر به فيظن أن كلام البيضاوي متناقض، والله أعلم.
خَاتِمَة
أخرج نُعيم بن حماد في "الفتن"، والحاكم في "المستدرك": عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال:"لا يلبثون -يعني: الناس- بعد يأجوج ومأجوج حتي تطلع الشمس من مغربها، وجفت الأقلام، وطويت الصحف، ولا يقبل من أحدٍ توبةٌ ويخر إبليس ساجدًا يُنادي: إلهي؛ مُرني أن أسجد لمن شئت، وتجتمع إليه الشياطين فتقول: يا سيدنا؛ إلى من تفزع؟ فيقول: إنما سألت ربي أن ينظرني إلى يوم البعث، فأنظرني إلى يوم الوقت المعلوم، وقد طلعت الشمس من مغربها، وهذا يوم الوقت المعلوم، وتصير الشياطين ظاهرة في الأرض حتي يقول الرجل: هذا قريني الذي كان يغويني، فالحمد لله الذي أخزاه، ولا يزال إبليس ساجدًا باكيًا حتي تخرج الدابة فتقتله وهو ساجد".
قُلْتُ: وهذا يدل علي تأخر الدابة عن الشمس، ويتمتع المؤمنون بعد ذلك أربعين سنة لا يتمنون شيئًا إلا أعطوه، حتي يتم أربعون سنة بعد الدابة، ثم يعود فيهم الموت ويسرع فلا يبقي مؤمن، ويبقي الكفار يتهارجون في الطرق كالبهائم، حتي ينكح الرجل أمه في وسط الطريق، يقوم واحد عنها، وينزل واحد، وأفضلهم من يقول: لو تنحيتم عن الطريق كان أحسن. فيكونون علي مثل ذلك حتي لا يُولد أحدٌ من نكاح، ثم يُعْقِمُ الله النساء ثلاثين سنة، ويكونون كلهم أولاد زنا؛ شرار الناس، عليهم تقوم الساعة.