قال: وقد ذكر هذا التأويل ابن عطية، وابن الحاجب. اهـ
واعترض أبو السعود هذا الجواب: بأن مبني اللف التقديري أن يكون المقدر من مُتممات الكلام ومُقتضيات المقام، وقد ترك ذكره تعويلًا علي دلالة الملفوظ عليه، واقتضائه إياه، ولا ريب في أن ما هنا ليس مما يستدعيه قوله:{أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا}، ولا هو من مقتضيات المقام. اهـ
أقول: إنكار دلالة الكلام عليه واقتضاء المقام يُشبه مكابرة المحسوس في المرام أمام دلالة الكلام؛ فلأنه بدون التقدير يؤدي لاختلال النظام أو لتناقض الأحكام، وأما اقتضاء المقام فلأنه في بيان حكم عام لكافة الأيام، فيعم الكفر والإسلام والطاعة والآثام، وبالله التوفيق؛ وليِّ الإنعام.
وقد أجابوا بأجوبةٍ أُخر فلنشر إليها:
أحدها: أن الآية من قبيل القلب؛ أي: لم تكن كسبت خيرًا أو آمنت من قبل، وذِكر نفي الإيمان بعد نفي الكسب مُفيدٌ؛ لأنه ترقٍّ، وليس كعكسه السابق في عدم إفادة الترديد، ونكتة القلب التنبيه بتقديم الإيمان في أنه الأصل الذي نيط به النجاة.
ثانيها: حمل الإيمان علي اللغوي السابق علي نزول القرآن وهو المعرفة؛ أي: وهو من قبيل التصور لا من قبيل التصديق، وقد فسر به الإيمان في قوله تعالي:{وَمِنْهُمْ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يُؤْمِنُ بِهِ}.
قال البيضاوي: معناه منهم من يُصدق به ويعلم أنه حَقٌّ ولكن يُعاند، وسبقه إليه "الكشاف"، ويُحمل الكسب علي الإذعان والقبول.
ثالثها: أن يُحمل الإيمان علي التصديق القلبي، والكسب علي الإقرار اللساني؛ أي: وهو كسبٌ؛ لأنه بالجارحة.
وهذا ظاهرٌ؛ لأن الإسلام غير الإيمان، فيصح أن يقال: إن الإيمان النافع في الدارين ما يكون جامعًا بينهما، فيكون الظاهر معنا لا مع المخالف.
أشار إلى الجوابين الأخيرين شيخ مشايخنا العلامة المحقق الشريف صبغة الله الحسيني رحمه الله فيما كتب علي هامش "تفسير الكوراني" بخطه، لكن قوله: (إن