الحمد الله رب العالمين، والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على سيد البشر؛ سيدنا ومولانا محمدٍ وعلى آله وصحبه.
أما بعد:
فقد قال سيدنا محمدٌ - صلى الله عليه وسلم - فيما يرويه الإمام البخاري رحمه الله:"بُعِثْتُ أنا والساعة كهاتين"، ويشير بإصبعيه فيمدهما.
ولما كان من معاني هذا الحديث: قُرب يوم القيامة فقد جعل الله لها أشراطًا وعلاماتٍ يُعرف منها قُربُ هذا الوقت.
والحكمة في تَقدُّمِ هذه الأشراط؛ كما ذكرها الحافظ ابن حجر العسقلاني في "فتح الباري"(١١/ ٣٥٧) نقلًا عن الإمام الضحاك: إيقاظ الغافلين، وحثهم على التوبة والاستعداد.
ففي هذه الأشراط عِبرٌ ودروس يلزم كل عاقلٍ النظر فيها وتدبرها، وأخذ الحيطة في أموره، والاستعداد ليوم المعاد والحساب.
وقد ألّف كثير من العلماء والحفاظ كتبًا وأجزاءً في علامات وأشراط الساعة، إما إجمالًا بذكر العلامات كلها، أو تخصيص العلامات الكبرى أو الصغرى، أو بالتَحدُّثِ عن بعض هذه العلامات والأشراط؛ مثل المسيح الدجال، والمهدي عليه السلام.
وهذا المُؤلَّف الذي تشرفت بخدمته وإخراجه في طبعةٍ جديدة مقابلة يُعتبر من تلك الكتب المجملة التي وصلت إلينا، وهي قليلة ونادرة، فالمؤلف رحمه الله وضع منهجًا وأسلوبًا تفرّد به في تصنيف هذا الكتاب ذكره في مقدمته.