الأولى: أن الله منعهم أن يوالوا الحفر ليلًا ونهارًا.
الثانية: منعهم أن يحاولوا الرقي على السد بالسلم، أو الآلة، فلم يُلْهِمهُم ذلك، ولا علمهم إياه؛ أي: مع أنه ورد في خبرهم عند وهب: أن لهم أشجارًا وزُرُوعًا، وغير ذلك من الآلات.
الثالثة: أنه صَدَّهم أن يقولوا: إن شاء الله تعالى. حتى يجيء الوقت المحدد.
قال الحافظ: وفيه أن فيهم أهل صناعات، وأهل ولاية وسلاطة -لعل الصواب: وسُلْطة. تأمَّل-، ورعية تُطيع من فوقها، وأن فيهم من يعرف الله، ويقر بقدرته ومشيئته.
ويحتمل أن تكون تلك الكلمة تجري على لسان ذلك الوالي من غير أن يعرف معناها، فيحصل المقصود ببركتها.
ثم روى لكل من الاحتمالين حديثًا.
فقال: وعند عَبد بن حُميد من طريق كعب الأحبار نحو حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -، وقال فيه:"فإذا جاء الأمر ألقي على بعض ألسنتهم: نأتي غدًا إن شاء الله تعالى فنفرغ منه".
وعند ابن مردويه من حديث حذيفة - رضي الله عنه - نحو حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -، وفيه:"فيصبحون وهو أقوى منه بالأمس، حتى يُسلم رجل منهم حين يريد الله أن يبلغ أمره فيقول المؤمنُ: غدًا نفتحه إن شاء الله تعالى، فيصبحون ثم يغدون عليه فيفتح. . . ." الحديث وسنده ضعيف. انتهى كلام الحافظ.
وحاصله: يحتمل أن يلقى (إن شاء الله تعالى) على لسان أحدهم؛ وهو أقوى، ويحتمل أن يُسلم واحد منهم؛ كما يدل على كُلٍّ رواية.
ولا يردّ الأول ما رواه نُعيم بن حماد في "الفتن" عن ابن عباس - رضي الله عنه -؛ مرفوعًا قال:"بعثني الله حين أسري بي إلى يأجوج ومأجوج، فدعوتهم إلى دين الله وعبادته، فأبوا أن يجيبوني، فهم في النار مع من عصى من ولد آدم وولد إبليس"؛ كما هو واضح.