للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما مُسيلمة فغزاه خالد بأمر أبي بكر رضي الله عنهما، وقتل منهم خَلقًا كثيرًا، وصالح بقيتهم على ربع الخيل والسلاح، وقُتِلَ من الصحابة رضي الله عنهم خَلقٌ كثير من قُراءِ القرآن، وكان ذلك سبب جمع أبي بكر - رضي الله عنه - القرآن في المصحف.

وكذا ابن الصياد إن قُلنا إنه ليس الدجال الكبير؛ كما هو ظاهر حديث الجساسة التي رآها تميم الداري، وهو الذي رجحه الحافظ ابن حجر في "فتح الباري"، وسيأتي تحقيقه.

وخرج في زمن أبي بكر - رضي الله عنه - طليحة بن خويلد الأسدي في بني أسد بناحية خيبر، وآزرهم غطفان، وادعى النبوة، ثم تاب ورجع إلى الإسلام. كذا قال في "فتح الباري".

لكن عند ابن عساكر من طُرق أنه خرج في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -، فوجه إليه النبي - صلى الله عليه وسلم - ضِرار بن الأزور، فأشجوا طليحة وأخافوه، ثم جاءهم موت النبي - صلى الله عليه وسلم -، فَارفَضّ الناس إلى طليحة، واستطار أمره، فلم يقدروا عليه حتى غزاه خالد بأمر أبي بكر رضي الله عنهما، فهزمه خالد، فهرب منه إلى الشام إلى ملوك غسان، ثم رجع إلى الإسلام وحسن إسلامه، فعلى هذا نسبة خروجه إلى زمان أبي بكر - رضي الله عنه -؛ لاستطارة أمره فيه.

وتنبأت أيضًا سجاح بنت سويد بن يربوع في فرسان تغلب، واتفقت تميم كُلها على نصرها، وفيهم رؤساء الناس؛ كالأحنف بن قيس، وحارثة بن بدر ونظرائهما، وفيها يقول عطارد بن حاجب:

أَضْحَتْ نَبِيَّتُنَا أُنْثَى نَطِيفُ بِهَا ... وَأَصْبَحَتْ أَنْبِيَاءُ النَّاسِ ذُكْرَانَا

فركبت على ذياب، وقتلت فيهم قتلًا ذريعًا، ثم قصدت اليمامة، فلما سمع مُسيلمة ضاق ذرعًا وتحصن، فأحاطت جيوشها به، فاستشار وجوه قومه، فقالوا: الرأي أن تُسلم الأمر إليها وتنجو بنفسك. فقال: سأنظر في أمري.

ثم أرسل إليها يقول: أما بعد فإنه أُنزِلَ عليك وَحيٌّ وعليَّ وَحيٌّ، فهلم نتدارس ما أُنزلَ علينا، فمن غلب صاحبه اتبعه الآخر. فأجابته إلى ما طلب، فضرب لها قُبة

<<  <   >  >>