للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال القاضي عياض: لفظة "ما" زائدة صلة للكلام، ليس نافية.

والمراد إثبات أنه من قبل المشرق. وفي بعض طرقه عند البيهقي: أنه شيخ، وسنده صحيح.

قال البيهقي: فيه أن الدجال الأكبر الذي يخرج في آخر الزمان غير ابن الصياد، وأن ابن الصياد أحد الدجالين الكذابين الذين أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - بخروجهم، وَكأنَّ هؤلاء الذين كانوا يقولون: إن ابن صياد هو الدجال. لم يسمعوا بقصة تميم، وإلا فالجمع بينهما بَعيدٌ جدًا، إذ كيف يلتئم من كان في أثناء الحياة النبوية شبه المُحتلم ويجتمع به النبي - صلى الله عليه وسلم -، ويسأله أن يكون في آخرها شيخًا مسجونًا في جزيرة من جزائر البحر موثقًا بالحديد يستفهم عن خبر النبي - صلى الله عليه وسلم - هل خرج أو لا؟ . فالأولى أن يُحمل على عدم الاطلاع.

قال: وأما إسلام ابن صياد وحجه وجهاده: فليس فيه تصريح بأنه غير الدجال؛ لاحتمال أنه يختم له بالشر.

فقد أخرج أبو نُعيم في "تاريخ أصبهان": عن حسان بن عبد الرحمن عن أبيه قال: لما افتتحنا أصبهان كان بين عسكرنا وبين اليهودية فرسخ، فكنا نأتيها ونمتار منها، فأتيتها يومًا فإذا اليهود يزفنون ويضربون، فسألت صديقًا لي منهم، فقال: مَلِكُنَا الذي نستفتح به على العرب يدخل، فبت عنده على سطح، فصليت، فلما طلعت الشمس إذا الوهج من قبل العسكر، فنظرت فإذا رجلٌ عليه قبة من ريحان واليهود يزفنون، فنظرت فإذا هو ابن الصياد، فدخل المدينة فلم يَعُد حتى الساعة.

قال الحافظ: وحسان بن عبد الرحمن ما عرفته، والباقون ثِقات.

قال: وقد أخرج أبو داود بسندٍ صحيح عن جابر - رضي الله عنه - قال: فقدنا ابن الصياد يوم الحرة. ورواه غيره بسندٍ حسن.

وخبر جابر - رضي الله عنه - هذا يُضعف خبر أنه مات بالمدينة، وأنهم صلوا عليه، وكشفوا عن وجهه، ولا يلتئم أيضًا مع خبر حسان بن عبد الرحمن المار؛ لأن فتح أصبهان كان في خلافة عمر - رضي الله عنه -؛ كما أخرج أبو نُعيم في "تاريخها"، وبين

<<  <   >  >>