للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

"الصبي حتي يبلغ"، والبلوغ وإن كان يحصل بخمسة عشر لكنه تعالي يُمهلهم حتي يبلغوا أشدهم إلزامًا للحُجة.

لا يُقال هم أهل الفترة فكيف يعذبهم؛ لأنه قد مر عن "شرح الفصوص" أن المولود المذكور يدعوهم إلى الله فلا يُجاب، ولا مانع أن يُبْقِي الله ذلك المولود بعد هلاك جميع المؤمنين إلزامًا للحجة، وبالله التوفيق.

وهذا إنما يوافق القول بأن الشيطان لا تقتله الدابة، وأن الأعمال تكتب بعد طلوع الشمس من مغربها.

تَنبيْه آخَر

ينافي ما ذكر بحسب الظاهر قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تزال طائفةٌ من أمتي يقاتلون علي الحق ظاهرين. . . ." الحديث.

فإن ظاهر الروايات السابقة: أنه لا يبقي أحدٌ من المؤمنين فضلًا عن القائم بالحق، وظاهر هذا البقاء.

قال الحافظ في "فتح الباري": يمكن أن يكون المراد بقوله: أمرُ الله هبوب تلك الريح، فيكون ظهور تلك الطائفة قبل هبوبها.

قال: فبهذا الجمع يزول الإشكال بتوفيق الله تعالي. انتهي

ولا يأبي هذا كل الإباء ما ورد في بعض الروايات مكان "أمر الله": "يوم القيامة"؛ لأن ما قارب الشيء يُعطي حكمه، فهذا الوقت لقربه من القيامة يطلق عليه القيامة، وجمعه هذا أحسن من جمع غيره بأن يَكفر بعض الناس ويبقي بعضهم؛ لمنافاته للكليات الواردة كما لا يخفي.

ويوضحه: ما رواه الحاكم وصححه عن عقبة بن عامر: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "لا تزال عِصَابةٌ من أمتي يقاتلون علي أمر الله قاهرين علي العدو، لا يضرهم من خالفهم حتي تأتيهم الساعة".

فقال عبد الله بن عمرو: أجل ويبعث ريحًا ريحها المسك، ومسها مس الحرير،

<<  <   >  >>