- صلى الله عليه وسلم -، فلعنه نبي الله ثلاثًا، ثم قال:"أجلسه ناحية"، حتى راح إليه قومٌ من المهاجرين والأنصار، ثم دعاه فلعنه، ثم قال:"إنَّ هذا سيخالف كتاب الله وسنة نبيه، وسيخرج من صلبه فتنٌ يبلغ دخانها السماء"، فقال نَاسٌ من القوم: هو أقل وأذل أن يكون هذا منه، قال:"بلى، وبعضكم يومئذ شيعته".
ثم إنه - صلى الله عليه وسلم - نَفاهُ إلى الطائف فكان هناك حياته، ولم يرده أبو بكر ولا عمر رضي الله عنهما، فرده عثمان - رضي الله عنه - في خلافته.
وهذا أحد الأمور التي انتقدوها عليه، وهم صاروا سبب قتله، فكانت دولتهم مقتضيةً لمفاسد كثيرة، ومظالم لا تُعد ولا تُحصى.
فمما وقع في زمن يزيد: قتل الحسن بن عليّ - رضي الله عنه -:
وسببه: أنَّ يزيد بن معاوية أرسل إلى زوجة الحسن جعدة الكندية أنها تَسُمَّهُ ويتزوجها، وبذل لها مئة ألف درهم، ففعلت، فمرض أربعين يومًا، وجهد به أخوه الحسين أن يخبره عمن سمَّه، فأبى، وقال: الله أشد نقمة، وأجد كبدي تَقَطَّع، وإني لعارفٌ من أين دُهِيتُ -أي: يشير إلى أنه من قِبَل يزيد-، فبحقي عليك لا تكلمت في ذلك بشيء. ثم قال: أُقسم عليك ألا تريق في أمري مَحْجَمة دم.
ومن كلامه له: إياك وسفهاء الكوفة أن يستخفوك فيخرجوك، والله ما أرى أن يجمع الله فينا النبوة والخلافة، وقد كنت طلبت من عائشة أن أُدفنَ مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأجابت، فإذا مِتُّ فاطلب منها وما أظن القوم -يعني: بني أمية- إلَّا سيمنعونك، فإن فعلوا فلا تراجعهم، وادفني عند أمي فاطمة بالبقيع.
فمات رضي الله تعالى عنه بعد أربعين يومًا، والأكثرون أنه سنة خمسين.
فلما مات سأل الحسين عائشة رضي الله عنها فقالت: نعم وكرامة. فمنعهم مروان -وكان أميرًا بالمدينة من جهة معاوية - رضي الله عنه - ومن معه من بني أمية، فَلَبس الحسين - رضي الله عنه - ومن معه السلاح، وقالوا: نقاتل. وقال أبو هريرة - رضي الله عنه -: والله لا يمنعه إلَّا ظالم، والله إنه لابن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
ثم قال أبو هريرة للحسين رضي الله عنهما: لا تكن أول من ترك وصية أخيك؛