للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فيخرجون من مدائنهم وحصونهم وَيُسرّحُون مواشيهم، فما يكون لها مرعى إلا لحومهم فتشكَر عنه -بفتح الكاف؛ أي: تسمن- بأحسن ما شكَرت عن شيء، وحتى إن دواب الأرض لتسمن وتشكر شكرًا من لحومهم ودمائهم، ويهبط نبي الله عيسى وأصحابهم إلى الأرض، فلا يجدون في الأرض موضع شبر إلا ملأ زهمهم -أي: شحمهم-، ونتنهم -أي: ريحهم- من الجيف، فيؤذون الناس بنتنهم أشد من حياتهم، فيستغيثون بالله فيبعث ريحًا ثمانية غبراء، فتصير على الناس غمًا ودخانًا، وتقع عليهم الزكمة ويكشف ما بهم بعد ثلاث وقد قذفت جيفهم في البحر".

وفي رواية: "فيرغب نبي الله عيسى وأصحابه إلى الله، فيرسل طيرًا كأعناق البُخت فتحملهم، فتطرحهم حيث شاء الله تعالى".

وفي رواية: "في النار"، ولا منافاة فإن البحر يسجر فيصير نارًا يوم القيامة.

ثم يرسل الله مطرًا لا يكن منه بيت مدر ولا وبر، فيغسل الأرض حتى يتركها كالزلقة -أي: المرآة، بحيث يرى الإنسان فيها وجهه من صفائها-، ثم يقال للأرض: أنبتي ثمرتك، وردي بركتك. فيومئذ تأكل العصابة من الرمانة، ويستظلون بقحفها، ويوقد المسلمون من قسي يأجوج ومأجوج ونشابهم وأترستهم سبع سنين.

فائِدَة

اختلفوا في اشتقاق يأجوج ومأجوج، فقيل: من أجيج النار؛ وهو التهابها.

وقيل: من الأجة بالتشديد؛ وهي الاختلاط أو شدة الحر. وقيل: من الأج؛ وهو سرعة العدو. وقيل: من الأُجاج؛ وهو الماء الشديد الملوحة.

وعلى التقادير كلها: وزنهما يفعول ومفعول، وهو ظاهر قراءة عاصم؛ فإنه وحده قرأه بالهمزة. وكذا قراءة الباقين إن كانت الألف مُسهلة من الهمزة.

وقيل: فاعول، من يج ومج.

وقيل: مأجوج؛ من ماج إذا اضطرب، ووزنه أيضًا مفعول، قاله أبو حاتم قال: والأصل موجوج.

<<  <   >  >>