للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي أيام المعتمد في سنة ست وستين ومئتين دخلت الزنج البصرة وأعمالها، وخربوها، وبذلوا السيف وسبوا؛ وهم من الخوارج الذين قتلهم أمير المؤمنين علي - رضي الله عنه -، وأعقب ذلك الوباء العظيم، فمات خَلق كثير لا يحصون، ثم أعقبه هدات وزلازل، فمات تحت الردم ألوفٌ من الناس، واستمر القتال مع الزنج إلى سنة سبعين.

قال الصولي: إنه قتل من المسلمين ألف ألف وخمس مئة آدمي، وقتل في يوم واحدٍ بالبصرة ثلاث مئة ألف، وكان له منبر في بلده يَصعَدُ عليه يسب عثمان، وعليًا، ومعاوية، وطلحة، والزبير، وعائشة رضي الله عنهم، وكان ينادى على المرأة العلوية في عسكره بدرهمين وثلاثة، وكان عند الواحد منهم العشر من العلويات يستخدمهن ويطؤهن، فقُتل اللعين رئيس الزنج سنة سبعين، وكان اسمه بهبود، وكان يدعي أنه أُرسِلَ إلى الخلق فرد الرسالة، وأنه مطلع على المغيبات، وقع في زمنه غلاء مُفرطٌ بالحجاز والعراق، وبلغ كَرُّ الحنطة ببغداد مئة وخمسين دينارًا، والكَرُّ: ستة أحمال الحمير والبغال، أو اثنا عشر وسقًا.

وفي أيامه انبثق في نهر عيسى بثقٌ، فجاء الماء إلى الكرخ فهدم سبعة آلاف دار.

وفي زمنه ظهرت القرامطة (١) بالكوفة، وهم نوع من الملاحدة، وهم الباطنية يَدّعُونَ أنه لا غسل من الجنابة، وأن الخمر حلال، وأن الصوم في السنة يومان، ويزيدون في أذانهم: (محمدٌ ابن الحنفية رسول الله) وأن الحج والقِبلَة إلى بيت المقدس، وأشياء أخر.

وفي سنة ست وتسعين وخمس مئة كان بمصر الغلاء المُفرط بحيث أكلوا الجيف والآدميين، وفشا أكل بني آدم واشتهر، وتعدوا إلى حفر القبور وأكل الموتى، وكثر الموت من الجوع؛ بحيث كان الماشي لا يقع قدمه أو بصره إلَّا على ميتٍ أو قريبٍ من


(١) ذكره السيوطي في "تاريخ الخلفاء" (ص ٢٥٥) في زمان المعتمد، وذكر صاحب "الخميس" (٢/ ٣٤٣) مختصرًا، وذكرها في "شرح المواقف" (٨/ ٣٨٨) في فِرَقِ الشيعة، وفي حاشية "الفوائد البهية" (ص ١٣). (ز).

<<  <   >  >>