والظاهر أن هذه الفتوح تكون في مدة مهادنة الروم؛ لأنه بعد اشتغاله بهم لا يفرغ لغيرهم، أو أنه يَبْعَثُ البُعوث والسرايا، ونسبة دخول الآفاق إليه يكون مجازًا.
تَنبيْه
جاء من طريق أنه - صلى الله عليه وسلم - قال:"الملحمة العُظمى وفتح القسطنطينية وخروج الدجال في سبعة أشهر".
وفي رواية:"سبع سنين".
قال أبو داود في "سننه": وهذه؛ يعني: رواية سبع سنين أصح، يعني: من رواية سبعة أشهر.
تَنبيه آخَر
وردت في مدة مُلك المهدي روايات مختلفة؛ ففي بعض الروايات: يملك خمسًا أو سبعًا أو تسعًا بالترديد، وفي بعضها: سبعًا، وفي بعضها: تسعًا، وفي بعضها: إن قَلَّ فخمسا، وإن كَثُرَ فتسعًا، وفي بعضها: تسع عشرة سنة وأشهرًا، وفي بعضها: عشرين، وبعضها: أربعة وعشرين، وبعضها: ثلاثين، وبعضها: أربعين منها تسع سنين يُهادن فيها الروم.
قال ابن حجر في "القول المختصر": ويمكن الجمع على تقدير صحة الكل؛ بأن ملكه متفاوت الظهور والقوة، فيُحمل الأكثر على أنه باعتبار جَمعِ مُدّة المُلك، والأقل على غاية الظهور، والأوسط على الوسط. انتهى
قُلْتُ: ويدل على ما قاله وجوه:
الأول: أنه - صلى الله عليه وسلم - بشر أمته، وخصوصًا أهل بيته ببشارات، وأن الله يعوضهم عن الظلم والجور قِسطًا وعَدلًا، واللائق بكرم الله أن تكون مدة العدل قدر ما ينسون فيه الظلم والفتن، والسبع والتسع أقل من ذلك.
الثاني: أنه يَفْتَحُ الدنيا كلها كما فتحها ذو القرنين وسليمان عليه السلام، ويدخل جميع الآفاق كما في بعض الروايات، ويبني المساجد في سائر البلدان، ويُحلي بيت المقدس.