للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فهو من أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - وصحابي؛ لأنه اجتمع به - صلى الله عليه وسلم - ليلة الإسراء، وحينئذ فهو أفضل الصحابة.

وقد أَلغَزَ التاج السبكي في ذلك حيث يقول:

مَنْ بِاتِّفَاقِ جَمِيعِ الْخَلْقِ أَفْضَلُ مِنْ ... خَيْرِ الصَّحَابِ أَبِي بَكْرٍ وَمِنْ عُمَرِ

وَمِنْ عَلِيٍّ وَمِنْ عُثْمَانَ وَهْوَ فَتىً ... مِنْ أُمَّةِ الْمُصْطَفَى الْمُخْتَارِ مِنْ مُضَرِ

وتُسلب قريش مُلكها؛ قال ابن حجر الفقيه في "القول المختصر"، وسبقه إليه السخاوي في "القناعة": معناه: لا يبقى لقريش اختصاص بشيء دون مراجعته، فلا يُعارض ذلك خبر: "لا يزال هذا الأمر في قريش ما بقي من الناس اثنان". انتهى

قُلْتُ: ويدل لما قاله حديث جابر - رضي الله عنه - عند مسلم: "فيقول أميرهم -أي: لعيسى: تعال صَلَّ لنا. فيقول: لا، إن بعضكم على بعض أمراء، تكرمة الله هذه الأمة".

وعلى هذا؛ فلا مُنافاة أن يكون المهدي هو الأمير حتى في زمن عيسى عليه السلام، ويكون مُراجعته في الأمور لعيسى عليهما السلام، وهذا وجه آخر في الجمع بين اختلاف الروايات في مدة ملك المهدي؛ بأن التسع ونحوه مَحمولٌ على ما بعد نزول عيسى عليه السلام، والأربعين ونحوه باعتبار جميع المدة حتى في زمن عيسى عليه السلام، وقد مرت الإشارة إلى ذلك، والله أعلم.

فإن قيل: كيف يصح معنى حديث: "لا يزال هذا الأمر في قريش ما بقي من الناس اثنان"، مع أنا نُشاهد أن قريشًا لم تملك منذ قرون؟

قُلنا: معنى هذا الحديث استحقاق الخلافة لقريش وإن ظَلمها ظَالم، ولا شك أن عيسى عليه السلام يُظهر كمال العدل، فلا يجوز أن يأخذ حقهم، وبالله التوفيق.

<<  <   >  >>