للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يجعل اليوم كالشهر، والجمعة كالسنة. ويقول: أتريدون أن أسيرها؟ فيجعل اليوم كالساعة.

فائِدَة

سُئِلَ النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الصلاة في اليوم الذي كالسنة: "أيكفينا فيه صلاة يوم واحد؟ قال: لا، ولكن اقدروا له"؛ أي: اقدروا مقدار كل يوم فصلوا فيه خمس صلوات، وقيس به اليومان الآخران.

وسُئِلَ عن الأيام القصار: فقالوا: كيف نُصلي يا رسول الله في تلك الأيام؟ قال: "تُقَدّرون فيها الصلاة كما تُقَدّرونها في هذه الأيام الطوال".

والظاهر أن التقدير هنا عكس الأول؛ بأن تُصلي الخمس في مقدار يوم من هذه الأيام، ولو اشتمل ذلك على أيام كثيرة من تلك الأيام، والله أعلم.

الوجه الثاني: يحتاج إلى مقدمة هي: أن عالم المثال موجود، وأنه ليس خيالًا محضًا، بل حقيقة وهو في الخارج محسوس.

قال الإمام السيوطي في: "المنجلي في تطور الولي" نقلًا عن العلاء القونوي شارح "الحاوي" ما نصه: وقد أثبت الصوفية عالمًا متوسطًا بين عالم الأجساد وعالم الأرواح سمَّوْه عالم المثال، وقالوا: هو ألطف من عالم الأجساد، وأكثف من عالم الأرواح، وبنوا على ذلك تجسد الأرواح وظهورها في صور مختلفة في عالم المثال، وقد يستأنس لذلك بقوله تعالى: {فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا}. انتهى الغرض منه.

وقال في "الفتوحات المكية" في الباب الثالث والستين: أظهر الله تعالى هذه الحقيقة -يعني: حقيقة عالم المثال- لعبده؛ ليعلم أنه إذا عجز وحار في هذا فهو بخالقه أجهل؛ فإن العقول لا تلحقه بالعدم المحض، ولا بالوجود المحض، ولا بالإمكان المحض.

وإلى هذه الحقيقة يصير الإنسان في نومه وبعد موته، فيرى الأعراض صورًا قائمة مُتجسدة لا يَشُكُّ فيها، والمكاشف يرى في يقظته ما يراه النائم في حال نومه، وما يراه الميت بعد موته، كما يُرى في الآخرة صور الأعمال توزن والموت يذبح، وكلها أعراض وَنِسب.

<<  <   >  >>