للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من المدينة وكانوا ببيداء من الأرض خُسِفَ بأولهم وآخرهم، ولم يَنْجُ أوسطهم، فلا ينجو منهم إلَّا نَذيرٌ إلى السفياني، وبشيرٌ إلى المهدي، فلما سمع المهدي بذلك قال: هذا أوان الخروج. فيخرج ويمر بالمدينة، فيستنقذ من كان أسيرًا من بني هاشم، وتُفتح له أرض الحجاز كلها.

ولنرجع إلى حكاية أهل خراسان: ثم يخرج رجل من وراء النهر يقال له: الحارث وحراث، على مقدمته رجلٌ يقال له: المنصور (١) يمكِّن لآل محمد - صلى الله عليه وسلم -، كما مَكّنت قريش لمحمد - صلى الله عليه وسلم -، وجب على كل مؤمن نصره، فهذا الرجل يَحتَمِل أن يكون هو الهاشمي الآتي ذكره، ويلقب بـ: الحارث؛ كما يلقب المهدي بـ: بالجابر، ويَحتمل أن يكون غيره، ويثور أهل خراسان بعسكر السفياني، ويكون بينهم وقعات، وقعة بتونس، ووقعة بدولاب الري، ووقعة بتخوم الدرنيخ.

فإذا طال عليهم قتالهم إياه بايعوا رجلًا من بني هاشم بكفه اليمنى خَالٌ، سهل الله أمره وطريقه، هو أخو المهدي من أبيه أو ابن عمه، وهو حينئذ بآخر المشرق، فيخرج بأهل خراسان وطَالَقان ومعه الرايات السود الصغار، وهذه غير رايات بني عباس، على مُقَدّمته رَجلٌ من تميم من الموالي، رَبعَةٌ أصفر قليل اللحية كوسج، واسمه شعيب بن صالح التميمي، يخرج إليه في خمسة آلاف، فإذا بلغه خروجه شايعه وصيره على مقدمته، لو استقبلته الجبال الرواسي لهدها، يمهد الأمر للمهدي؛ كما مهدت قريش للنبي - صلى الله عليه وسلم -.

وعنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "إذا سمعتم براياتٍ سوداء أقبلت من خراسان فَاْتوها ولو حبوًا على الثلج" (٢).


(١) وحكى القاري (٥/ ١٨٤): قيل: إن المراد أبو منصور الماتريدي، وقيل: الخضر. والحديث أخرجه أبو داود (ز).
(٢) فقد أخرج معناه في "المشكاة" برواية أحمد، عن ثوبان - رضي الله عنه -، قال القاري (٥/ ١٨٥): "يحتمل أن يكون السواد كناية عن كثرة العساكر، والظاهر أنها عساكر الحارث والمنصور". اهـ
وأخرجه الترمذي برواية أبي هريرة - رضي الله عنه - (٢/ ٥٦) (ز).

<<  <   >  >>