وأخرج ابن سعد، عن أرطاة بن المنذر، قال: كان عند عمر بن عبد العزيز نَفرٌ يسألونه أن يَتحفّظَ في طعامه، ويسألونه أن يكون له حَرسٌ إذا صلى؛ لئلا يثور ثائرٌ فيقتله، ويسألونه أن يتنحى عن الطاعون، ويخبرونه أنَّ الخلفاء قبله كانوا يفعلون ذلك.
قال لهم عمر: فأين هم؟ فلما أكثروا عليه قال: اللهم؛ إن كُنتَ تعلم أني أخاف يومًا دون يوم القيامة، فلا تؤمِّن خَوفي.
وأخرج محمد بن خلف المعروف بوكيع في كتاب "الغُرَر من الأخبار" عن أبي الزناد قال: قال عبد الله بن حسن بن حسن: كنت عند عمر بن عبد العزيز فوقع طاعون بالشام، فقال: ارحل؛ فإنك لن تَغْنَم أهلك مثل نفسك، فقضى حوائجي، وأتبعني إياها.
قال الحافظ ابن حجر: ثم وقع أيضًا بالشام في سنة سبع ومئة، ثم سنة خمس عشرة، وكذا في "تاريخ" ابن كثير.
وفي "المرآة": وقع في سنة ست عشرة طاعون شديد بالشام والعراق، وكان أعظم ذلك في واسط. ذكره ابن كثير أيضًا.
ثم وقع بالبصرة طاعون غُراب؛ وهو رجل مات فيه سنة سبع وعشرين ومئة.
ثم وقع بالبصرة طاعون مسلم بن قتيبة في رجب وشعبان ورمضان سنة إحدى وثلاثين ومئة، ثم خَفّ في شوال، وبلغ في كل يوم ألف جنازة.
قال ابن سعد: وتوفي فيه إسحاق بن سويد العدوي، وفرقد بن يعقوب السَّبخي، وأيوب السَّختياني.
قال ابن سعد: وأخبرنا علي بن عبد الله؛ حدثنا سفيان قال: سمعت داود بن أبي هند يقول: أصابني الطاعون فَأُغمي عَليَّ، فكأن اثنين أتياني فغمز أحدهما عكوة لساني، وغمز الآخر أخمص قَدميّ، فقال: أي شيء تجد؟ . قال: تسبيحًا وتكبيرًا، وشيئًا من خطوة إلى المسجد، وشيئًا من قراءة القرآن. قال: ولم أكن أخذت القرآن يومئذ. قال: فكنت أذهب في الحاجة فأقول: لو ذكرتُ الله حتى آتي حاجتي. قال: فعوفيت، فأقبلت على القرآن فَتعلّمتهُ.