للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قتل عمر - رضي الله عنه -، ووقعة الحرة نحو أربعين سنة؛ لأن وقعة الحرة كانت في زمن يزيد.

وغاية ما يُعتذر عنه أن القصة إنما شاهدها والد حسان بعد فتح أصبهان هذه المدة، ويكون جوابًا لما في قوله: (لما افتتحنا أصبهان)، محذوفًا تقديره: صرت أتعاهدها وأتردد إليها. فجرت قصة ابن صياد.

وقد أخرج الطبراني في "الأوسط" مرفوعًا من حديث فاطمة بنت قيس رضي الله عنها: أن الدجال يخرج من أصبهان، ومن حديث عمران بن حصين - رضي الله عنه -.

وأخرج أحمد بسندٍ صحيح، عن أنس - رضي الله عنه -: أنه يخرج من يهودية أصبهان.

قال أبو نُعيم: كانت اليهودية من جملة قرى أصبهان، وإنما سميت اليهودية؛ لأنها كانت تختص بسكنى اليهود، ولم تزل كذلك إلى أن مصرها أيوب بن زياد أمير مصر في زمن المهدي بن المنصور العباسي، فسكنها المسلمون وبقيت منها لليهود قطعة.

هذا ملخص كلام الحافظ ابن حجر.

وحاصله: أن الأصح أن الدجال غير ابن صياد وإن شاركه ابن صياد في كونه أعور ومن اليهود، وأنه ساكن في يهودية أصبهان ... إلى غير ذلك. وذلك لأن أحاديث ابن صياد كلها محتملة، وحديث الجُسَّاسة نَصٌّ، فيقدم.

قُلْتُ: ومما يرجح أنه غيره أن قصة تميم الداري مُتأخرةٌ عن قصة ابن صياد، فهو كالناسخ له، ولأنه حين إخباره - صلى الله عليه وسلم - بأنه في بحر الشام أو بحر اليمن، لا بل من قبل المشرق كان ابن الصياد بالمدينة، فلو كان هو لقال: بل هو بالمدينة.

لا يقال: إنما لم يقل خوفًا عليه من أن يقتلوه، فأخبر بما يؤول إليه أمره. لأنا نقول هذا ليس بشيء، إذ كيف يقتلون شخصًا قبل أجله، والمُقَدّر أنه إنما يقتله نبي الله عيسى عليه السلام، ولو كان كذلك لما كان بينَ ضئضئ الخوارج بأن له أصحابًا كذا وكذا، ولما بيّنَ قاتل علي كرّم الله وجهه بأنه يُخضب لحيته من يافوخه،

<<  <   >  >>