وسلم - خبرهما وهو مَريضٌ بعد ما حزّب بعث أسامة - رضي الله عنه -.
فخرج - صلى الله عليه وسلم - عَاصبًا رأسه، فقال:"إني رأيتُ في يَديّ سوارين من ذهب، فكرهتهما، فنفختهما فطارا، فأولتهما الكذابين اللذين أنا بينهما؛ صاحب اليمن، وصاحب اليمامة".
فارتد الأسود العنسي في مذحج، وكان صاحب شعبذة يظهر بها عجائب، وله شيطانان يخبرانه بغالب أسرار الناس، يقال لأحدهما: سحيق، وللآخر شفيق، وله مَنْطِقٌ حُلو، فغلب على اليمن في ناحية صنعاء، وهرب منها أمراؤه - صلى الله عليه وسلم -. وكان يقال له: ذو الخمار؛ لأنه لا يزال مُتَبرقعًا مُعتمًا، وقيل: ذو الحمار بالمهملة؛ لأنه كان له حِمارٌ مُعلَّم، يقال له: اسجد لربك فيسجد، ويقال له: ابرك فيبرك.
ولما سمع أهل نجران خبر الأسود أرسلوا إليه فدعوه إلى بلادهم، فجاءهم، فتبعوه وارتدوا عن الإسلام، ثم أخذ منهم ست مئة وسار بهم إلى صنعاء فغلب عليها، ونزل غمدان واستنزل الأبناء.
وأما مُسيلمة الكذاب فخرج في بني حنيفة، ونازعه قومه، فقال: إني أُشرِكتُ في الأمر، وجعل يَسجَعُ لهم بما يضاهي القرآن بزعمه، فاستخفهم بذلك.
فلما مالوا إليه أسقط عنهم الصلاة، وأحل لهم الخمر والزنا، ونحو ذلك، وكثر أتباعه.
وكتب النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى الأبناء في أمر الأسود، وكانوا قد ثبتوا على الإسلام، فقتله فيروز الديلمي غِيلةً بمواطأة زوجته المرزبانة، وكان قد قهرها على نكاحها، وكانت من الخَيِّرات، ومن عظماء أهل فارس، ونادوا بالأذان عند الصباح، فقالوا: نشهد أن الأسود كذاب، وشنوها غارة، فتراجع أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، وتفرق أصحابه، فقتلوا منهم خَلقًا، وَجاءَ النبي - صلى الله عليه وسلم - خَبرُ السماء بذلك، فأخبر الناس به قبل موته بيوم أو بليلة، وقيل بخمسة أيام.
ثم وصل الكتاب بذلك بعد موته - صلى الله عليه وسلم - بعشرة أيام، وكانت مُدة الأسود أربعة أشهر.