أَلاَ أَيُّهَا الذِّئْبُ الْمُنَادِي بِسَحْرَةٍ ... هَلُمَّ أُنبِّئْكَ الَّذِي قَدْ بَدَا لِيَا
بَدَا لِي أَنِّي قَدْ يَتُمْتُ وَأَنَّنِي ... بقيَّةُ قَوْمٍ أَوْرَثُونِي الْمَبَاكِيَا
وَلاَ ضَيْرَ أَنِّي سَوْفَ أَتْبَعُ مَنْ مَضَى ... وَيَتْبَعُنِي مِنْ بَعْدِي مَنْ كَانَ تَالِيَا
وقال ابن أبي الدنيا: حدثني الفضل بن جعفر، حدثنا أحمد بن محمد البجلي، حدثني محمد بن إبراهيم التيمي قال: نزل بنا حَيٌّ من العرب فأصابهم الطاعون، فماتوا وبقيت جويرية مريضة، فلما أفاقت جعلت تسأل عن أبيها وأمها وأختها، فيقال: مات، ماتت، ماتت. فرفعت يدها وقالت:
وَلَوْلاَ الأَسَى مَا عِشْتُ فِي النَّاسِ سَاعَةً ... وَلكِنْ مَتَى نَادَيْتُ جَاوَبَنِي مِثْلِي
قال الحافظ ابن حجر: وكان بمصر سنة ست وستين طاعون، ثم في سنة وفاة عبد العزيز بن مروان سنة خمس وثمانين، وقيل: سنة اثنتين، وقيل: سنة أربع، وقيل: سنة ست، وكان بالشام طاعون سنة تسع وسبعين، ذكره ابن جرير وغيره.
ثم وقع بالبصرة طاعون الفتيات سنة سبع وثمانين.
وسمي بذلك؛ لكثرة من مات فيها من النساء الشَّوابِ والعذارى.
قال ابن أبي الدنيا في "الاعتبار": حدثني محمد بن علي بن عثام الكلابي قال: سمعت حامد بن عمر بن حفص البكراوي قال: حدثني أبو بحر البكراوي، عن أمه؛ قالت: خرجنا هاربين من طاعون الفتيات، فنزلنا قريبًا من سنام، قالت: وجاء رجل من العرب معه بنون له عشرة، فنزل قريبًا منا، فلم يمض إلا أيام حتى مات بنوه أجمعون، وكان يجلس بين قبورهم فيقول:
بِنَفْسِي فِتْيَةٌ هَلَكُوا جَمِيعًا ... بِرَابِيَةٍ مُجَاوِرَةٍ سَنَامَا
أَقُولُ إِذَا ذَكَرْتُ الْعَهْدَ مِنْهُمْ ... بِنَفْسِي تِلْكَ أَصْدَاءٌ وَهَامَا
فَلَمْ أَرَ مِثْلَهُمْ هَلَكُوا جَمِيعًا ... وَلَمْ أَرَ مِثْلَ هَذَا الْعَامِ عَامَا
قالت: وكان يُبْكِي من سمعه.