للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولأنها أُمُّ المؤمنين وَحَبيبةُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فكلهم مأجورون، إلا أن عليا له أجران؛ أجر الاجتهاد، وأجر الإصابة، وغيره له أجر الاجتهاد فقط.

وأما معاوية - رضي الله عنه -: فهو وإن كان باغيًا لم يدخل في البيعة، بل كان طالبًا للمُلك، وإنما جعل طلب الدم وسيلة إلى طاعة أهل الشام له، وقد ظهر له بغيه بقتل عمار بن ياسر (١) - رضي الله عنه -، فأخبروه بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لعمار: "إنما تقتلك الفئة الباغية" (٢)، ولأنه لما تَولّى بعد نزول الحسن - رضي الله عنه - عن الخلافة لم يَقتُل (٣) أحدًا بدم عثمان - رضي الله عنه - ولا طالبه، ولم يكن له سابقة ولا هجرة على الأصح، فإنه من مُسلِمَةُ الفتح.

وقد قال عمر - رضي الله عنه -: إن هذا الأمر في أهل بدر والمهاجرين الأولين ما بقي منهم أحد، وليس لطَليقٍ ولا لمُسلمة الفتح فيه نصيب.

لكنه لكونه صِهرًا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وكاتبًا للوحي، وله صحبة، وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: "إذا ذُكِر أصحابي فأمسكوا"، وقال: "الله الله في أصحابي لا تتخذوهم غرضًا بعدي. . ." الحديث ينبغي الإمساكُ عن ذكره إلا بخير، على أنه - صلى الله عليه وسلم - قد أخبره بأنه يتَولّى وقال: "يا معاوية؛ إذا وُليتَ فأحسن"، ودعا له فقال: "اللهم؛ اجعله هاديًا مهديًا، واهد به".

وقال أمير المؤمنين عَليٌّ - رضي الله عنه -: لا تكرهوا إمرة معاوية، والله لو فقدتموه لرأيتم الرؤوس تنزل عن كواهلها كالحنظل.

وأما الحَرُورية: فلا حاجة إلى الاعتذار عنهم بعدما قال - صلى الله عليه وسلم -: "يمرقون من الدِّين مروق السهم من الرمية"، ونحوه من الأحاديث.


(١) لكن بعد ثبوت أنه قتله شيعته، وقيل: قتلته الخوارج؛ كما في العيني (٢/ ٣٩٣). (ز).
(٢) لكن للمخالف أن طلحة - رضي الله عنه - كان ممن قتله جماعة علي - رضي الله عنه -، وكان ممن قضى نحبه؛ كما في الترمذي (٢/ ١٦٩)، وبسطه في "الكوكب" (ج ٢)، والسيوطي في "الدر" (٥/ ١٩١) (ز).
(٣) ذكر الحافظ في "تهذيبه" في ترجمة محمد بن أبي بكر: أنه قتله وجماعة كبيرة غيره في دم عثمان - رضي الله عنه - (ز).

<<  <   >  >>