بعد المئتين في أواخر خلافة المأمون، إلى أن كَثُر في زمن المتوكل جدًا، وتوالى.
ويَدُل له أيضًا حديث:"خياركم بعد المئتين كل خفيف الحاذ"، وما رُوي مع ضَعفٍ:"لا يولد بعد المئتين مولود لله فيه حاجة".
وعلى هذا، فلا يتقيد ظُهور الآيات القريبة من الساعة بما بعد المئتين بعد الألف، ولو سُلّم أن المراد هو الاحتمال الثاني، وأنه المئتان بعد الألف فلا يلزم تأخر المهدي إلى ذلك الوقت؛ لجواز أن يخص الآيات ببعضها؛ كالدابة، وطلوع الشمس من مغربها، وهدم الكعبة، ونحوها.
وعلى كل تقدير: فظهور المهدي على رأس هذه المئة محتمل احتمالًا قويًا ظاهرًا، وإن تأخر عنها فلا يتأخر عن المئة الثانية قطعا (١).
ونسأل الله تعالى أن يُميتنا على الإيمان غير مفتونين ولا مُبدّلين.
وكل واحدةٍ من هذه الفتن تحتمل مُجلدًا، بل تفصيلها يحتمل مجلدات، وإنما اختصرنا وأشرنا إليها إشارةً؛ لأنها غير مقصودة حيث مضت، والمقصود ما نحن بصدده، ولئلا يَمَل السامعون، ولأن الوقت لا يَسعُ غير ذلك؛ فإن الموسم قريب، ولأن تفصيلها يُورث قسوة القلب والضَغائِن وما لا ينبغي، والمهم ذكر ما يلين القلوب ويحزنها ويزجرها عن الغفلة.
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد، وآله وصحبه أجمعين.
(١) سيأتي التعليق على هذه المسألة لاحقًا في حاشية (ص ٣٤٤).