للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ما عصى الله قط، هو أخص الوزراء، وأفضل الأمناء.

أي: وكأن هذا إشارةٌ إلى عيسى عليه السلام؛ إذ لا معصوم إلَّا الأنبياء فيكون هو وزيره الأخص، وأما عصمة المهدي ففي حكمه كما يشير إليه كلامه فيما بعد، أو إشارة إلى الملك الذي يسدده، ويؤيده قوله: "ليس من جنسهم"؛ لأن عيسى عليه السلام من جنسهم؛ لأنه بشر، لكن قد يُطلق الجنس على النوع فيصدق على عيسى عليه السلام؛ لأنه من بني إسرائيل والأعاجم، وإن كان يُطلق على ما سوى العرب، لكن غلب إطلاقه في فارس، فحينئذ ليس عيسى عليه السلام من جنسهم؛ أي نوعهم، والله أعلم.

وأنشد - رضي الله عنه -:

أَلا إِنَّ خَتْمَ الأَوْلِيَاءِ شَهِيدُ ... وَعَيْنَ إِمَامِ الْعَالَمِينَ فَقِيدُ

هُوَ السَّيِّدُ الْمَهْديُّ مِن آلِ أَحْمَدٍ ... هُوَ الصَّارِمُ الْهِنْدِيُّ حِينَ يَبيدُ

هُوَ الشَّمْسُ يَجْلُو كُلَّ غَمٍّ وَظُلْمَةٍ ... هُو الْوَابِلُ الوَسْمِيُّ حِينَ يَجُودُ

ومراده بـ (ختم الأولياء): المهدي. وبـ (إمام العالمين): النبي - صلى الله عليه وسلم -. و (الصارم): السيف. و (الوابل): المطر الكثير. و (الوسمي): هو الذي ينزل في أول الشتاء.

قال: وقد جاء زمانه، وأظلكم أوانه، وظهر في القرن الرابع اللاحق بالقرون الثلاثة الماضية، قرن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو قرن الصحابة، ثم الذي يليه، ثم الذي يليه.

وهو إشارةٌ إلى ما ورد في حديث ثلاث مرات: "ثم الذين يلونهم" بعد قوله - صلى الله عليه وسلم -: "خير القرون قرني".

وورد في رواية: ثلاثة تَترى وواحد فُرادى، فيكون قرنه الرابع المفرد الملحق بالثلاثة تترى.

قال: ثم جاء بينها؛ أي: القرن الثالث والرابع، فنزلت وحدثت أمور، وانتشرت أهواء، وسفكت دماء، وعاثت الذئاب في البلاد، وكثر الفساد إلى أن طم

<<  <   >  >>