أثقل عليَّ غلتي، فكلّمه يُخفف عني، قال: اتق الله وأحسن إلى مولاك، ومن نية عمر - رضي الله عنه - أن يَلقى المغيرة فيكلمه فيُخففَ عنه.
وفي رواية: أنه كلّمه في أمره ووصى به خيرًا وهو لا يدري، فغضب العبد، وقال: وسع الناس كلهم عدله غيري. فأضمر على قتله، فاصطنع خنجرًا له رأسان، وشحذه، وسمَّه، ثم أتى به إلى الهُرمُزان، فقال: كيف ترى هذا؟ قال: أرى أنك لا تَضربُ به أحدًا إلَّا قتلته. فتحيّن أبو لؤلؤة، فجاء في صلاة الغداة، فخرج عمر - رضي الله عنه - بدرته يُوقظ الناس لصلاة الصبح، وكان عمر - رضي الله عنه - إذا أقيمت الصلاة يتكلّم فيقول: أقيموا صفوفكم. فذهب يقول كما كان يقول، فقام أبو لؤلؤة وراء عمر - رضي الله عنه -، فلما كَبَّر طَعنهُ ثلاث طعنات، طعنة في كتفه، وأخرى في خاصرته، وأخرى تحت سُرّته بين الثُّنةِ والسُّرة، وقد خرقت الصِّفَاق وهي التي قتلته، وطعن ثلاثة عشر رجلًا، فهلك منهم سبعةٌ، وتصايح الناس، فرمى رجلٌ على رأسه بِبُرْنُسٍ، ثم اضطبعه إليه.
وفي رواية: فاشتمل أبو لؤلؤة على خنجر ذي رأسين، نِصَابه في وسطه، فكمن في زاوية البيت في غَلَس السَّحَر، فلم يزل هنالك حتى خرج عمر - رضي الله عنه - يُوقظ الناس لصلاة الصبح، وكان عمر - رضي الله عنه - يفعل ذلك، فلما دنا عمر - رضي الله عنه - منه وثب عليه فطعنه ثلاث طعنات إحداهن تحت السُّرة، ثم انحاز أيضًا على أهل المسجد فطعن من يليه، حتى طعن سوى عمر - رضي الله عنه - أحد عشر رجلًا، ثم انتحر بخنجره.
وفي رواية: فلما رأى أنه أُحِيطَ به قتل نفسه، فقال عمر - رضي الله عنه -: قولوا لعبد الرحمن بن عوف فليُصل بالناس، ثم غَلَب عمر - رضي الله عنه - النَّزفَ حتى غُشي عليه، فلم يزل في غشيةٍ واحدةٍ حتى أسفر الصبح، فلما أسفر أفاق فنظر في وجوه الناس، فقال: أصلّى الناس؟ قالوا: نعم. فقال: لا إسلام لمن ترك الصلاة. ثم دعا بوضوء فتوضأ، ثم صلى، ثم قال: من قتلني؟ قالوا: أبو لؤلؤة؛ غُلام المغيرة بن شعبة. فقال: الحمد لله الذي لم يجعل قاتلي يحاجني عند الله بسجدةٍ سجدها له قط، ما كانت العرب لتقتلني، أنا أحبُّ إليها من ذلك. ثم دعا بنبيذ