وهذا الحشر لهما من نفخ الصور، فإن بعد النار المذكورة يُنفخ في الصور وتقوم الساعة.
روي الشيخان عن أبي هريرة - رضي الله عنه -؛ مرفوعًا:"لتقومن الساعة وقد نشر الرجلان ثوبهما بينهما يتبايعانه، فلا يطويانه، ولتقومن الساعة وهو يليط حوضه؛ أي: يلطخه بالطين".
يقال: لاط حوضه، يليطه، ويلوطه؛ إذا لطخه بالطين وأصلحه.
فلا يَسقي فيه -أي: إبله ودوابه- ولتقومن الساعة وقد رفع أُكْلَتهُ -أي؛ بضم الهمزة؛ يعني: لقمته- إلى فِيه فلا يطعمها -أي: لا يأكلها-.
وفي حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما عند مسلم والنسائي:"يخرج الدجال فيمكث أربعين. لا أدري أربعين يومًا أو شهرًا أو عامًا. . . ." الحديث.
وفيه:"يبقي شرار الناس في خفة الطير وأحلام السباع" ... إلى أن قال:"ثم يُنفخ في الصُّور فلا يسمع أحدٌ إلا أصغي لِيتا -ورفع لِيتا- قال: وأول من يسمعه رجل يلوط حوض إبله، فَيَصعق ويَصعق الناس".
قال في "النهاية": (اللِّيت) -أي: بكسر اللام- صفحة العنق، وهما ليتان. و (أصغي): أمال. انتهي
والمعني: أنه يرفع إحدي أذنيه نحو السماء، كمن يستمع النداء من فوق.
وفي "الصحيحين": عن أبي هريرة - رضي الله عنه -: "ما بين النفختين أربعون عامًا"، ونحوه عند أبي داود وابن مردويه عنه. وروي ابن المبارك عن الحسن مثله.
وعند مسلم والنسائي:"ثم يرسل الله مطرًا كأنه الطل فتنبت منه أجساد بني آدم، ثم ينفخ فيه أخري فإذا هم قيام ينظرون، ثم يقال: يا أيها الناس؛ هَلمَّ إلى ربكم {وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ (٢٤)}. . . ." الحديث.
ونسأل الله العفو، والعافية التامة، والمغفرة العامة في الدارين لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين، ولمشايخنا في الدين ولإخواننا دينًا وطينًا، ولأمة محمد - صلى الله عليه وسلم - أجمعين؛ إنه أرحم الراحمين. آمين.