للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الدليل الرابع: في حديث عائشة : «كان رسول الله يصلي من الليل في حجرته، وجدار الحجرة قصير، فرأى الناس شخص النبي ، فقام أناس يصلون بصلاته … » (١).

الدليل الخامس: في حديث جابر «ثم جئت حتى قمت عن يسار رسول الله ، فأخذ بيدي فأدارني حتى أقامني عن يمينه، ثم جاء جبار بن صخر فتوضأ، ثم جاء فقام عن يسار رسول الله ، فأخذ رسول الله بيدينا جميعًا، فدفعنا حتى أقامنا خلفه» (٢).


(١) رواه البخاري (٧٢٩).
(٢) حديث جابر رواه عنه:
١: عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت. ٢: سعيد بن الحارث. ٣: محمد بن المنكدر. ٤: عمرو بن سعيد. ٥: شرحبيل بن سعد.
الرواية الأولى: رواية عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت: قال مسلم (٣٠١٠) حدثنا هارون بن معروف، ومحمد بن عباد - وتقاربا في لفظ الحديث، والسياق لهارون - قال أبو عبد الرحمن واللفظ له ورواية أبي داود مختصرة - وأبو داود (٦٣٤) حدثنا هشام بن عمار، وسليمان بن عبد الرحمن الدمشقي، ويحيى بن الفضل السجستاني، قالوا: حدثنا حاتم بن إسماعيل، حدثنا يعقوب بن مجاهد أبو حزرة، عن عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت، قال: جابر سرنا مع رسول الله ، حتى إذا كانت عُشَيْشِيَة ودنونا ماء من مياه العرب، قال رسول الله : «مَنْ رَجُلٌ يَتَقَدَّمُنَا فَيَمْدُرُ الْحَوْضَ فَيَشْرَبُ وَيَسْقِينَا؟» قال جابر : فقمت فقلت: هذا رجل، يا رسول الله فقال رسول الله : «أَيُّ رَجُلٍ مَعَ جَابِرٍ؟» فقام جبار بن صخر ، فانطلقنا إلى البئر، فنزعنا في الحوض سجلًا أو سجلين، ثم مدرناه، ثم نزعنا فيه حتى أفهقناه، فكان أول طالع علينا رسول الله ، فقال: «أَتَأْذَنَانِ؟» قلنا: نعم، يا رسول الله فأشرع ناقته فشربت، شنق لها فشجت فبالت، ثم عدل بها فأناخها، ثم جاء رسول الله إلى الحوض فتوضأ منه، ثم قمت فتوضأت من متوضإ رسول الله ، فذهب جبار بن صخر يقضي حاجته، فقام رسول الله ليصلي، وكانت علي بردة ذهبت أن أخالف بين طرفيها فلم تبلغ لي، وكانت لها ذباذب فنكستها، ثم خالفت بين طرفيها، ثم تواقصت عليها، ثم جئت حتى قمت عن يسار رسول الله ، فأخذ بيدي فأدارني حتى أقامني عن يمينه، ثم جاء جبار بن صخر فتوضأ، ثم جاء فقام عن يسار رسول الله ، فأخذ رسول الله بيدينا جميعًا، فدفعنا حتى أقامنا خلفه، فجعل رسول الله يرمقني وأنا لا أشعر، ثم فطنت به، فقال هكذا، بيده - يعني شد وسطك - فلما فرغ رسول الله ، قال: «يَا جَابِرُ» قلت: لبيك، يا رسول الله قال: «إِذَا كَانَ وَاسِعًا فَخَالِفْ بَيْنَ طَرَفَيْهِ، وَإِذَا كَانَ ضَيِّقًا فَاشْدُدْهُ عَلَى حَقْوِكَ».
وظاهر هذه الرواية أنَّ صلاتهما مع النبي من قيام الليل وليس بفرض فلو كان فرضًا لأنتظرهما والله أعلم والرواية التالية أصرح في أنَّ الصلاة تطوع.
غريب الحديث: عُشَيْشِيَة: تصغير عشية على غير قياس. يمدر الحوض: يطينه ليحفظ الماء. السجل: الدلو. أفهقناه: ملأناه. شنق لها كفها بزمامها. فشجت: شج البعير إذا فرج بين رجليه للبول. ذباذب: أهداب. تواقصت عليها: أمسكت عليها بعنقي لئلا تسقط
الرواية الثانية: رواية سعيد بن الحارث بن أبي سعيد الأنصاري: رواه أحمد (١٤١٠٩) حدثنا أبو عامر والبخاري (٣٦١) حدثنا يحيى بن صالح، وابن خزيمة (٧٦٧) حدثناه محمد بن رافع، حدثنا سريج بن النعمان قالوا: حدثنا فليح بن سليمان، عن سعيد بن الحارث، قال: سألنا جابر بن عبد الله عن الصلاة في الثوب الواحد، فقال: خرجت مع النبي في بعض أسفاره، فجئت ليلة لبعض أمري، فوجدته يصلي، وعلي ثوب واحد، فاشتملت به وصليت إلى جانبه، فلما انصرف قال: «مَا السُّرَى يَا جَابِرُ» فأخبرته بحاجتي، فلما فرغت قال: «مَا هَذَا الِاشْتِمَالُ الَّذِي رَأَيْتُ»، قلت: كان ثوب - يعني ضاق - قال: «فَإِنْ كَانَ وَاسِعًا فَالْتَحِفْ بِهِ، وَإِنْ كَانَ ضَيِّقًا فَاتَّزِرْ بِهِ» وإسناده صحيح.
قال ابن رجب في فتح الباري (٢/ ٣٦٥) قوله: «مَا السُّرَى يَا جَابِرُ» يدل على أنَّ هذا السير كان في آخر الليل، وهو السرى، وفهم النبي من جابر أنَّه جاء في ذلك الوقت لحاجة له، ولذلك قال له ذلك.
وأبو عامر عبد الملك بن عمرو العقدي.
تنبيه: ليس في رواية أحمد «مَا السُّرَى يَا جَابِرُ».
الرواية الثالثة: رواية محمد بن المنكدر: رواه أبو داود الطيالسي (١٧١٦) حدثنا ورقاء وأحمد (١٤٣٧٥) حدثنا أبو جعفر المدائني محمد بن جعفر ومسلم (٧٦٦) وحدثني حجاج بن الشاعر، حدثني محمد بن جعفر المدائني حدثنا ورقاء، عن محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبد الله ، قال: كنت مع رسول الله في سفر، فانتهينا إلى مَشْرَعَة، فقال: «أَلَا تُشْرِعُ؟ يَا جَابِرُ» قلت: بلى، قال: فنزل رسول الله ، وأشرعت، قال: ثم ذهب لحاجته، ووضعت له وضوءًا، قال: فجاء فتوضأ، ثم قام فصلى في ثوب واحد، خالف بين طرفيه، فقمت خلفه، فأخذ بأذني فجعلني عن يمينه» وإسناده حسن.
ورقاء بن عمر بن كليب وثقه وكيع وأحمد وابن معين وقال أبو حاتم: كان شعبة يثني عليه وكان صالح الحديث وذكره ابن حبان في الثقات وقال ابن عدي روى أحاديث غلط في أسانيدها وباقي حديثه لا بأس به وتوسط فيه الحافظ ابن حجر فقال: صدوق. وبقية رواته ثقات. والظاهر أنَّ في الحديث اختصارًا والله أعلم.
تنبيهان:
الأول: في رواية أبي داود الطيالسي حدثنا ورقاء عن محمد بن المنكدر أو سالم أبي النضر أو كليهما شك ورقاء.
الثاني: قوله: «فقمت خلفه» شاذ أخطأ في ورقاء بن عمر والمحفوظ قيامه عن يساره والله أعلم.
غريب الحديث: قال القاضي عياض في مشارق الأنوار (٢/ ٢٤٨) المعروف شرعت ثلاثي وهو ورود الماء … إلا إذا عداه كقوله فأشرع ناقته فهذا رباعي وعلى هذا يحمل ما جاء في الحديث أي تسقي ناقتك وقيل معناه الشرب بالفم من الماء من غير آلة والمعنيان جميعًا صحيحان والمشرعة والشريعة حيث يتوصل من حافة النهر إلى مائه ويورد فيه والجمع شرائع ومشارع ومنه شريعة الدين لأنَّها مدخلة إليه وقيل من البيان والظهور … ومنه سميت المشرعة والشريعة للماء لأنَّها ظاهرة ومكانها معلوم.
الرواية الرابعة: رواية عمرو بن سعيد: رواه ابن المنذر في الأوسط (٤/ ١٩٦) حدثنا موسى بن هارون، قال: ثنا سعيد بن الحكم، قال: ثنا أبي، وابن خزيمة (١٥٣٦) (١٦٧٤) أنا يونس بن عبد الأعلى الصدفي، نا يحيى بن عبد الله بن بكير، قالا حدثنا الليث، عن خالد بن يزيد، عن سعيد بن أبي هلال، عن عمرو بن سعيد، أنَّه قال: دخلت على جابر بن عبد الله أنا، وأبو سلمة بن عبد الرحمن، فوجدناه قائمًا يصلي عليه إزار، فذكر بعض الحديث وقال: «أقبلنا مع رسول الله ، فخرج لبعض حاجته، فصببت له وضوءًا، فتوضأ فالتحف بإزاره، فقمت عن يساره، فجعلني عن يمينه، وأتى آخر فقام عن يساره، فتقدم رسول الله يصلي، وصلينا معه، فصلى ثلاث عشرة ركعة بالوتر» وإسناده ضعيف وفيه نكارة.
سعيد بن أبي هلال قال ابن سعد كان ثقة إن شاء الله ووثقه العجلي وابن خزيمة والدارقطني والبيهقي والخطيب وابن عبد البر وقال أبو حاتم لا بأس به وقال الساجي صدوق كان أحمد يقول ما أدري أي شيء يخلط في الأحاديث وقال ابن حزم ليس بالقوي وقال ابن حجر ولعله اعتمد على قول الإمام أحمد فيه.
وشيخ سعيد بن أبي هلال الرواي عن جابر اختلف في اسمه ففي رواية ابن المنذر وابن خزيمة (١٥٣٦) عمرو بن سعيد وفي رواية لابن خزيمة (١٦٧٤) عمرو بن أبي سعيد ويحتمل أنَّه عمرو أبو سعيد فترجم البخاري في التاريخ الكبير فقال: عمرو بن سعيد عن أبي زرعة، روى عنه يونس بن عبيد وجرير بن حازم، قال ابن عون: عن عمرو بن سعيد: لقيت الشعبي بواسط، يقال: مولى ثقيف، إسحاق أخ عفان ح محمد بن دينار حدثنا الحباب بن المختار القطعي: عن عمرو بن سعيد النازل على ابن سيرين، شهد حميدًا الحميري، موسى ح جرير بن حازم: سمع عمرو بن سعيد مراسيل، عبد الله حدثني الليث حدثني خالد عن سعيد: عن عمرو أبي سعيد: أنَّ جابرًا أخبرهم أنَّ رجلًا أتى النبي . وقال ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل: عمرو أبو سعيد روى عن جابر بن عبد الله روى عنه سعيد بن أبي هلال سمعت أبي يقول ذلك. ولم يذكرا في عمرو أبي سعيد جرحًا ولا تعديلًا.
والمحفوظ أنَّ النبي دفعهما خلفه فالحديث منكر السند والمتن والله أعلم.
والليث هو ابن سعد. وخالد بن يزيد هو الجمحي.
ورواه الطبراني في الأوسط (٨٩١٨) حدثنا مقدام، ثنا أسد بن موسى، ثنا ابن لهيعة، عن خالد بن يزيد، عن أبي الزبير، عن جابر قال: «قام رسول الله يصلي، فقمت عن يساره، فحولني عن يمينه، ثم أتى جبار بن صخر، فقام عن يساره، فتقدم رسول الله ، فقمنا خلفه» قال الطبراني: لم يرو هذا الحديث عن خالد بن يزيد إلا ابن لهيعة.
فجعله ابن لهيعة من رواية خالد بن يزيد عن أبي الزبير عن جابر والكلام في ابن لهيعة مشهور.
الرواية الخامسة: رواية شرحبيل بن سعد الخطمي: رواه ابن أبي شيبة (٢/ ٤٩١) حدثنا أبو خالد الأحمر وأحمد (١٤٦٤٦) واللفظ له - حدثنا يزيد يرويانه عن يحيى بن سعيد، عن شرحبيل، عن جابر ، قال: أقبلنا مع رسول الله زمن الحديبية حتى نزلنا السقيا، فقال معاذ بن جبل : من يسقينا في أسقيتنا؟ قال جابر : فخرجت في فتية من الأنصار حتى أتينا الماء الذي بالأثاية، وبينهما قريب من ثلاثة وعشرين ميلًا، فسقينا في أسقيتنا، حتى إذا كان بعد عتمة إذا رجل ينازعه بعيره إلى الحوض، فقال: «أَوْرِد؟»، فإذا هو النبي ، فأورد، ثم أخذت بزمام ناقته، فأنختها فقام فصلى العتمة - وجابر فيما ذكر إلى جنبه - ثم صلى بعدها ثلاث عشرة سجدة».
ورواه أحمد (١٤٠٨٧) وابن ماجه (٩٧٤) حدثنا بكر بن خلف أبو بشر وابن خزيمة (١٥٣٥) نا بندار قالوا: حدثنا أبو بكر الحنفي، حدثنا الضحاك بن عثمان، حدثني شرحبيل، عن جابر قال: «قَامَ النَّبِيُّ يُصَلِّي الْمَغْرِبَ، فَجِئْتُ، فَقُمْتُ إِلَى جَنْبِهِ عَنْ يَسَارِهِ، فَنَهَانِي، فَجَعَلَنِي عَنْ يَمِينِهِ، فَجَاءَ صَاحِبٌ لِي، فَصَفَفْنَا خَلْفَهُ، فَصَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ مُخَالِفًا بَيْنَ طَرَفَيْهِ» وإسناده ضعيف جدًا.
شرحبيل بن سعد ضعفه شديد قال ابن معين ليس بشيء ضعيف وقال ابن سعد لا يحتج به وقال أبو زرعة لين وقال النسائي ضعيف وقال الدارقطني ضعيف يعتبر به وقال ابن عدي له أحاديث وليست بالكثيرة وفي عامة ما يرويه نكارة وذكره ابن حبان في الثقات. وقد اضطرب في متنه وخالف فذكر صلاة جابر مع النبي العشاء في رواية يحيى بن سعيد الأنصاري وفي رواية الضحاك بن عثمان المغرب والمحفوظ أنَّ الصلاة قيام الليل وقوله: فقال معاذ بن جبل : من يسقينا في أسقيتنا؟ ليس بمحفوظ والمحفوظ أنَّ القائل هو النبي وليس معاذًا فالحديث منكر السند والمتن والله أعلم.
الأثاية: وتسمى شرف الأثاية وتعرف في وقتنا بالشُّفَيَّة وهي قرية مهجورة على بعد ٤٣ كيلو جنوب المنصرف.
انظر: مراصد الإطلاع (١/ ٢٥) ومعجم معالم الحجاز (١/ ٤٣)، (٥/ ٣٦).

<<  <   >  >>