للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال (ح): فإن قيل أطلقوه مجازًا فجوابه أن الكوفيون [الكوفيين] لا يجيزون الجمع بين الحقيقة والمجاز بلفظ واحد، فإما أن يعترفوا بجواز إطلاق اللّفظ الواحد على حقيقته ومجازه، وإما أن يسلموا أن الخمر حقيقة في المتخذ من ماء العنب ونحوه، ويقوي الثّاني أيضًا أن القرآن لما نزل بتحريم الخمرِ فهم الصّحابة وهم أهل اللسان أن كلّ شيء يسمى خمرًا يدلُّ في النهي سواء سمي حقيقة أو مجازًا، فبادروا إلى إراقة ما كان عندهم من الأنبذة ولم يخصوا ذلك بالمتخذ من العنب (١١٨٢).

قال (ع): سبحان الله كيف يكون هذا الكلام ردًا لما قالوا مع النقل عن إطباق أهل اللُّغة، كيف يستدل بقول الخطابي وليس هو من أهل اللُّغة، ونحن لا ننكر أن الصّحابة فصحاء، ولكن ما أطلقوه بطريق الوضع اللغوي بل بطريق التّسمية، والتسمية غير الوضع، وأمّا حديث: "كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ" فنحن لا ننازع فيه، بل نقول معناه كلّ شراب أسكر فهو خمر أي حكمه حكم الخمر.

قال: والجواب عن صنيع الصّحابة أنّهم إنّما أراقوا ما كانوا يشربونه، وقد جاء في بعض طرقه عند الطحاوي عن أنس: كنت أسقيهم حتّى كاد يأخذ منهم، وفي آخره وأنّها البسر والتّمر وأنّها لخمرنا يومئذ، وهو عند أحمد بلفظ: كاد الشراب يأخذ فيهم، قال: فهذا ينادي بأعلى صوته أن شرابهم يومئذ كان مسكرًا (١١٨٣).

قلت: لا يطابق الجواب الإيراد، لأنّ البحث هل يسمى غير المتخذ من ماء العنب خمرًا حقيقة أم لا؟ قلنا: نعم لمبادرة الصّحابة إلى إراقته لما


(١١٨٢) فتح الباري (١٠/ ٤٨ - ٤٩).
(١١٨٣) عمدة القاري (٢١/ ١٧٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>