وهذا الوجهُ أَولى ما حُمِلَ عليه هذا الحديثُ ليوافقَ ما رُوِيَ عن عمرَ رضي الله عنه سواه ولا يضاده" (شرح معاني الآثار ١/ ٨٠ - ٨٤).
وقال السنديُّ: " قوله: «أَصَبْتَ السُّنَّةَ»، المشهورُ أن الصحابيَّ إذا قال كذلك فهو بمنزلةِ رفع الحديث، فهذا يدلُّ على عدمِ التوقيتِ، إلا أن يقالَ هذا لا بقوة صريح الرفع فيقدم عليه صريح الرفع، أو يحتمل أن يكونَ السؤالُ والجوابُ عن لُبْسِ الخُفِّ مع مراعاةِ التوقيتِ، واللهُ أعلمُ" (حاشية السندي على سنن ابن ماجه ١/ ١٩٧).
وقال الألبانيُّ: "على أنه يمكنُ التوفيقُ بوجهٍ آخر، وهو أن يُحملَ حديثُ عمرَ على الضرورةِ، وتَعَذُّرِ خَلْعِهِ بسببِ الرّفقةِ أو غيره، وإليه ذهبَ شيخُ الإسلامِ ابنُ تيميةَ رحمه الله تعالى في بحثٍ طويلٍ له في المسحِ عَلَى الخُفَّينِ. وهل يشترطُ أن يكونا غير مخرقين؟ فقال: فأحاديثُ التوقيتِ فيها الأمرُ بالمسحِ يومًا وليلةً، وثلاثة ولياليهن، وليسَ فيها النهيُّ عن الزيادةِ إلا بطريقِ المفهومِ، والمفهومُ لا عمومَ له، فإذا كان يَخْلَعُ بعد الوقتِ عند إمكان ذلك عمل بهذه الأحاديث، وعلى هذا يُحْمَلُ حديث عقبة بن عامر لما خرجَ من دمشقَ إلى المدينةِ يُبَشِّرُ الناسَ بفتحِ دِمشقَ، ومَسَحَ أسبوعًا بلا خَلْعٍ، فقالَ له عمرُ:«أَصَبْتَ السُّنَّةَ»، وهو حديثٌ صحيحٌ، وعَمِلَ به شيخُ الإسلامِ في بَعْضِ أَسْفَارِهِ، فقال: "لما ذهبتُ على البريدِ، وجَدَّ بنا السيرُ، وقد انقضتْ مدةُ المسحِ، فلم يمكنِ النزعُ والوضوءُ إلا بالانقطاعِ عن الرفقةِ، أو حبسهم على وجهٍ يتضررونَ بالوقوفِ، فَغَلبَ على ظَنِّي عدمُ التوقيتِ عندَ الحاجةِ كما قلنا في الجبيرةِ، ونَزَّلْتُ حديثَ عمرَ وقوله لعقبةَ بنِ عَامرٍ:«أَصَبْتَ السُّنَّةَ»، على هذا توفيقًا بينَ الآثارِ، ثم رأيتُهُ مصرحًا به في (مغازي ابن عائذ) أنه كان قد ذَهَبَ على البريدِ
-كما ذهبتُ- لما فُتِحتْ دِمشقُ ... ، فحمدتُ اللهَ على