ففي هذه الآية؛ أفرد الله تعالى: تحريم عصيان الرسول - صلى الله عليه وسلم - دون ذكر نفسه سبحانه، وأوعد من عصاه بالعذاب الأليم .. وفي هذا دلالة جلية، على أن عصيانَ الرسول عصيان لله تعالى بيّن.
كذلك لم تُجعل لنا الخِيرة في قضاء الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - .. أنأخذ .. أو ندع .. بل لابد من الانصياع لما أمر به الله تعالى، والرضا بما قضى به رسوله - صلى الله عليه وسلم -.
قال الله تعالى:{وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَة إِذَا قَضَى الله وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ الله وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا}[الأحزاب: ٣٦].
الخامس: نفى الإيمان عمن لا يتحاكم إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم -.
لأجل ما سبق؛ نفى الله تعالى الإيمان عمّن لا يرجع إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم -، ولا يأخذ منه الأحكام، فقال سبحانه:{فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ} .. الآية [النساء: ٦٥].
ووصف الله تعالى المعرضين عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - وسنته بالمنافقين، فقال:{وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنزَلَ الله تعالى وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنكَ صُدُودًا}[النساء: ٦١].
[السادس: تكفير الله من لا يأخذ بما جاءت به الرسل]
وقد بلغ الأمر أن كفّر الله تعالى من فرق بينه سبحانه وبين رسله، أي: آمن به سبحانه، ولم يؤمن برسله، أو ببعضهم، ولم يأخذ عنهم ما أوحاه الله إليهم .. وتوعد من فعل ذلك بالعذاب المهين يوم القيامة، قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا (١٥٠) أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا} [النساء: ١٥٠، ١٥١].
فاعتبروا يا من يهمل سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ويتهاون فيها، وهو يدعي أنه يأخذ بالإسلام، والله يكذبه ويكفره، وينذره بالعذاب الشديد.
ثم إننا إذا أخذنا بالقرآن، ولم نأخذ بسنة نبينا - صلى الله عليه وسلم -، فنكون قد أضعنا جزءاً كبيراً من الدين، بل معظمه!!، ونكون ممن آمن ببعض الدين وكفر ببعض، وقد كفر الله من يفعل ذلك من بني إسرائيل، وأنكر عليهم إيمانهم بعض الكتاب وكفرهم ببعض، كما يفعله بعض المسلمين اليوم:{أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ}[البقرة: ٨٥]