بَابٌ: فِيمَنِ اقْتَصَرَ عَلَى الْوُضُوءِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ
حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ:
◼ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((مَنْ تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ، ثُمَّ أَتَى الْجُمُعَةَ، فَاسْتَمَعَ وَأَنْصَتَ، غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجُمُعَةِ، وَزِيَادَةُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، وَمَنْ مَسَّ الْحَصَى فَقَدْ لَغَا)).
[الحكم]: صحيح (م).
[الفوائد]:
قال البيهقيُّ عقبه: ((وفيه دليل على أن الوضوءَ يجزئُ من غسل الجمعة)) (السنن الكبرى ٥٩١٥).
وقال ابنُ رجبٍ أيضًا: ((وهذا يدلُّ على أن الوضوءَ كافٍ، وأن المقتصرَ عليه غيرُ آثمٍ ولا عاصٍ، وأما الأمرُ بالغسل فمحمولٌ على الاستحباب)) (فتح الباري له ٨/ ٨١).
ولكن قال ابنُ حجرٍ: ((وأُجِيبَ بأنه ليس فيه نفي الغسل، وقد وَرَدَ من وجهٍ آخر في (الصحيحين) بلفظِ: ((مَنِ اغْتَسَلَ)) فيحتملُ أن يكون ذِكْرُ الوُضوءِ لمن تقدَّم غُسْلُهُ على الذَّهَابِ فاحتاجَ إلى إعادةِ الوضوءِ)) (فتح الباري ٢/ ٣٦٢).
[التخريج]:
[م (٨٥٧/ ٢٧) ((واللفظ له)) / د ١٠٣٩/ ت ٥٠٣/ جه ٩٩٢ ((مقتصرًا على مس الحصى))، ١٠٥٧/ حم ٩٤٨٤/ خز ١٨٤١، ١٩٠٠/ حب ١٢٢٦، ٢٧٧٩/ ش ٥٠٦٥/ طوسي ٤٦٨/ عه ٢٧٠٠/ منذ ١٧٥٧/ جعفر ٣٧٠/ زهر ٣٠٦/ مسن ١٩٣٣/ محلى (٥/ ٦٢) / هق ٥٩١٥/ هقغ ٦٥٣/ شعب ٢٧٢٦/ مهر ١٢٠/ بغ ٣٣٦/ حداد ٨٨٨/ غيب ٩٥١/ قند (صـ ٤١٦)].
[السند]:
قال مسلم: حدثنا يحيى بن يحيى، وأبو بكر بن أبي شيبة، وأبو كريب -قال يحيى: أخبرنا، وقال الآخران-: حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، به.
ورواه أبو عوانة في (مستخرجه) من طريق يحيى بن سعيد الأُمَويِّ عن ِالأعمش، به.
[تنبيه]:
قال الشيخُ ابنُ عثيمينَ رحمه الله -في جوابه عنِ الاستدلالِ بهذا الحديث في عدم وجوب الغسل-: ((وأما ما ورد في (صحيح مسلم) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((مَنْ تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ، ثُمَّ أَتَى الْجُمُعَةَ، فَاسْتَمَعَ وَأَنْصَتَ، غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجُمُعَةِ، وَزِيَادَةُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ))، فإنه مرجوحٌ، لاختلافَ الرُّواةِ، فبعضُهم قال: ((مَنِ اغْتَسَلَ)) وهذه أرجحُ)) (الشرح الممتع على زاد المستقنع ٥/ ٨٣).
قلنا: وهذا الكلامُ فيه نظر؛ فإن مدارَ هذا الحديث على أبي صالحٍ عن أبي هريرةَ، ورواه عنه اثنان: الأعمشُ، وسُهيلُ بنُ أبي صَالحٍ.
فأما الأعمشُ فرواه بلفظِ: ((مَنْ تَوَضَّأَ))، ورواه سُهيلٌ بلفظِ: ((مَنِ اغْتَسَلَ))، كما تقدَّمَ في ((باب الغسل يوم الجمعة)).
والأعمشُ: إمامٌ حافظٌ متقنٌ، أما سهيلٌ: فَمُتَكَلَّمٌ فيه من جهة حفظه، انظر ترجمتَه في (تهذيب التهذيب ٤/ ٢٦٤).
فإن كان ثَمةُ ترجيحٍ، فرواية الأعمشِ هذه بلفظِ: ((مَنْ تَوَضَّأَ))، أَرْجَحُ، والله أعلم.
***